التفاسير

< >
عرض

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَـٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ
١٧
-يونس

محاسن التأويل

{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ } استفهام إنكاري معناه الجحد. أي: لا أحد أظلم ممن تقوَّل على الله تعالى، وزعم أنه تعالى أرسله وأوحى إليه، أو كفر بآياته، كما فعل المشركون بتكذيبهم للقرآن، وحملهم على أنه من جهته عليه الصلاة والسلام.
{ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ } أي: لا ينجون من محذور، ولا يظفرون بمطلوب، ونظير هذه الآية قوله تعالى:
{ { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ } [الأنعام: 93]، وترتيب عدم الفلاح على من افترى الوحي، وعدَّه صادق بلا مرية، فإن مفتريه يبوء بالخزي والنكال، ولا يشتبه أمره على أحد بحال.
وقد ذكر أن عَمْرو بن العاص وفد على مسيلمة الكذاب - وكان صديقاً له في الجاهلية، وكان عَمْرو لم يسلم بعد - فقال له مسيلمة: ويحك يا عَمْرو! وماذا أنزل على صاحبكم - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - في هذه المدة؟ فقال: لقد سمعت أصحابه يقرؤون سورة عظيمة قصيرة. فقال: وما هي؟ فقال:
{ { وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ } الخ [العصر: 1 - 3]، ففكر مسيلمة ساعة ثم قال: وأنا قد أنزل عليَّ مثله! فقال: وما هو؟ فقال: يا وبر يا وبر.. إنما أنت أذنان وصدر، وسائرك حقر نقر. كيف ترى يا عَمْرو؟ فقال له عَمْرو: والله! إنك لتعلم أني أعلم أنك لكذاب.
وقال عبد الله بن سلام: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس، فكنت فيمن انجفل منه، فلما رأيته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب. قال: فكان أول ما سمعته يقول:
" أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام " قال حسان:

لو لم تكن فيه آيات مبينة كانت بديهته تأتيك بالخبر