التفاسير

< >
عرض

قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيۤ إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
٨٨
-هود

محاسن التأويل

{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي } أي: أخبروني إن كنت على برهان يقيني مما أتاني ربي من العمل والنبوة: { وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً } أي: مالاً حلالاً مكتسباً بلا بخس وتطفيف، أو حكمة ونبوة، وكمالاً وتكميلاً، بالاستقامة على التوحيد. هل يصح لي أن أخون الوحي، وأترك النهي عن الشرك والظلم، والإصلاح بالتزكية والتحلية. وهو اعتذار عما أنكروه عليه من تغيير المألوف والنهي عن دين الآباء. وحذف جواب ( أرأيتم ) لما دل عليه في مثله، كما مر في نبأ نوح وصالح عليهما السلام، وعلى خصوصيته هنا من قوله: { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } أي: وما أريد أن آتي ما أنهكم عنه، لأستبد به دونكم، فلو كان صواباً لآثرته، ولم أعرض عنه، فضلاً عن أن أنهى عنه - أفاده القاضي -.
وفي " التاج ": يقال خالفه إلى الشيء: عصاه إليه، أو قصده بعد ما نهاه عنه، وهو من ذلك.
قال القاشاني: أي: ما أقصد إلى جر المنافع الدنيوية الفانية، بارتكاب الظلم الذي أنهاكم عنه.
{ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ } أي: إصلاح نفوسكم بالتزكية، والتهيئة لقبول الحكمة، ما دمت مستطيعاً متمكناً منه { وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ } أي: وما كوني موفقاً للإصلاح إلا بمعونة الله وتأييده { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي: أعتمد: { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } أي: أرجع في السراء والضراء.