التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ
١٣
وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ
١٤
-إبراهيم

محاسن التأويل

{ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ } يخبر تعالى عما توعد به الكافرون رسلهم، لما رأوهم صابرين متوكلين، لا يهمهم شأنهم من الإخراج من الأرض، والنفي من بين أظهرهم، أو العود في ملتهم. والمعنى: ليكونن أحد الأمرين.
والسبب في هذا التوعد - كما قال الرازي - أن أهل الحق في كل زمان يكونون قليلين، وأهل الباطل يكونون كثيرين. والظلمة والفسقة يكونون متعاونين متعاضدين. فلهذه الأسباب قدروا على هذه السفاهة. فإن قيل: يتوهم من لفظ ( العود ) أنهم كانوا في ملة الكفر قبل! أجيب: بأن ( عاد ) بمعنى صار. وهو كثير الاستعمال بهذا المعنى، أو الكلام على ظنهم وزعمهم أنهم كانوا من أهل ملتهم قبل إظهار الدعوة. أو الخطاب للرسل ولقومهم، فغلبوا عليهم في نسبة العود إليهم.
وقوله تعالى: { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ } الخ وعد صادق للرسل، وبشارة حقة. كما قال تعالى:
{ { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } [الصافات: 171 - 173]، وقال تعالى: { { وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } [الأعراف: من الآية 137]، والآيات في ذلك كثيرة. والإشارة في ( ذلك ) إلى الموحى به وهو إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين. وقوله: { لِمَنْ خافَ } الخ، أي: للمتقين؛ لأنهم الموصوفون بما ذكر كقوله: { { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [الأعراف: 128 والقصص: 83]. و ( المقام ) إما موقف الحساب، فهو اسم مكان، وإضافته إليه سبحانه لكونه بين يديه، أو مصدر ميمي، بمعنى: حفظي وقيامي لأعمالهم ليجازوا عليها. أو مقحم للتفخيم والتعظيم كما يقال: المقام العالي. وياء المتكلم في ( وعيد ) محذوفة للاكتفاء بالكسرة عنها في غير الوقف.
قال السمين: أثبت الياء هنا وفي ( ق ) في موضعين: { كلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } [ق: 14]،
{ { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ } [ق: 45]، وصلاً، وحذفها وقفاً ورش عن نافع. وحذفها الباقون وصلاً ووقفاً.