التفاسير

< >
عرض

وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ
٢٦
-إبراهيم

محاسن التأويل

{ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ } أي: استؤصلت وأخذت جثتها بالكلية: { مِن فَوْقِ الأَرْضِ } أي: لأن عروقها قريبة منه: { مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } أي: استقرار.
تنبيه
لحظ في الممثل به - أعني الشجرة - أوصاف جليلة لتلحظ في جانب الممثل له. فمنها: كونها طيبة، أعم من طيب المنظر والصورة والشكل ومن طيب الريح وطيب الثمرة وطيب المنفعة. وكون أصلها ثابتاً أي: راسخاً باقياً في أمن من الانقلاع والانقطاع والزوال والفناء ليعظم الفرح به والسرور. وكون فرعها في السماء فدل على كمال حال تلك الشجرة من جهة ارتفاع أغصانها وقوتها في التصاعد، مما يبرهن على ثبات الأصل ورسوخ العروق، وجهة بعدها عن العفونات والأقذار فتكون ثمرتها نقية طاهرة طيبة عن جميع الشوائب، وكون ثمرتها تجتنى كل حين فلا تنقطع بركاتها وخيراتها. ولا ريب أن وجود هذه الأوصاف مما يدل على فخامة الموصوف وإنافة فضله. ولا تخفى مطابقة هذا الممثل به للممثل له - أعني الحق - وهو الإسلام الذي جاء به خاتم الأنبياء عليهم السلام.
ولما كان المثل مضروباً للحق والباطل في الثبات وعدمه، والقصد أهلهما؛ صرح بهما فذلك له، فقال في أهل المثل الأول:
{ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ... }.