التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ
٥١
-النحل

محاسن التأويل

{ وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ } إعلام بنهيه الصريح عن الإشراك. وبأمره بعبادته وحده، وإنما خصص هذا العدد؛ لأنه الأقل، فيعلم انتفاء ما فوقه بالدلالة. فإن قيل: الواحد والمثنى نص في معناهما، لا يحتاج معهما إلى ذكر العدد، كما يذكر مع الجميع. أي: في نحو رجال ثلاثة، وأفراس أربعة؛ لأن المعدود عارٍ عن الدلالة على العدد الخاص، فلِمَ ذكر العدد فيهما؟ أجيب بأن العدد يدل على أمرين: الجنسية والعدد المخصوص. فلما أريد الثاني صرح به للدلالة على أنه المقصود الذي سيق له الكلام وتوجه له النهي دون غيره. فإنه قد يراد بالمفرد الجنس، نحو: نعم الرجل زيد. وكذا المثنى كقوله:

فإن النار بالعودين تذكى وإن الحرب أولها الكلام

وقيل: ذكر العدد للإيماء بأن الاثنينية تنافي الألوهية. فهو في معنى قوله: { { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } [الأنبياء: 22]، فلذا صرح بها، وعقبت بذكر الوحدة التي هي من لوازم الألوهية.
قال الشهاب: ولا حاجة إلى جعل الضمير للمعبود بحق المراد من الجلالة على طريق الاستخدام.
وقوله تعالى: { وَقَالَ اللَّهَ } معطوف على قوله: { وَلِلَّه يَسْجُدُ } أو على قوله: { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ } وقيل: إنه معطوف على: { مَا خَلَقَ اللَّهُ } على أسلوب:

*علفتها تبنا وماء باردا*

أي: { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللّهُ } ولم يسمعوا ما قال الله؟ ولا يخفى تكلفه. وفي قوله: { فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ } التفات عن الغيبة، مبالغة في الترهيب. فإن تخويف الحاضر مواجهة، أبلغ من ترهيب الغائب، لا سيما بعد وصفه بالوحدة والألوهية المقتضية للعظمة والقدرة التامة على الانتقام.