التفاسير

< >
عرض

أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَٰبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٤٤
-البقرة

محاسن التأويل

{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ } أي: بما فيه لله رضا من القول أو الفعل. وجماع البر كل ما فيه طاعة لله تعالى. والهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجيب من حالهم: { وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ } أي: تتركونها من البر كالمنسيات. والمعنى تخالفون ما تأمرون به من ذلك إلى غيره. وقوله: { وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ } تبكيت مثل قوله: { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } يعني تتلون التوراة، وفيها الوعيد على الخيانة وترك البر، ومخالفة القولِ العملَ { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } توبيخ عظيم بمعنى أفلا تفطنون لقبح ما أقدمتم عليه، حتى يصدكم استقباحه عن ارتكابه، وكأنكم في ذلك مسلوبوا العقول، لأن العقول تأباه وتدفعه.
روى الحافظ ابن كثير الدمشقي في تفسيره عن إبراهيم النَّخَعِي قال: إني لأكره القصص لثلاث آيات: قوله تعالى: { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ } وقوله:
{ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } [الصف: 2، 3]، وقوله إخباراً عن شعيب: { { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } [هود: 88].