التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
٦٣
-البقرة

محاسن التأويل

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } تذكيراً لجناية أخرى لأسلافهم، أي: واذكروا وقت أخذنا لميثاقكم بالمحافظة على ما في التوراة، { وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ } ترهيباً لكم لتقبلوا الميثاق. وذلك أن الطور اقتلع من أصله، ورفع وظلل فوقهم. والطور: هو الجبل. وقيل لهم وهم مظلٌّ [ في المطبوع: مطلٌّ ] فوقهم: { خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم } من الكتاب: { بِقُوَّةٍ } أي: بجد واجتهاد: { وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ } واحفظوا ما في الكتاب وادرسوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } لكي تتقوا المعاصي، أو رجاء منكم أن تنتظموا في سلك المتقين، أو طلباً لذلك.
وهذه الآية نظير قوله تعالى في سورة الأعراف:
{ { وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [الأعراف: 171].
قال الراغب: إن قيل إن هذا يكون إلجاء ولا يستحق به الثواب، قيل: لم يستحقوا الثواب بالالتزام، وإنما استحقوه بالعمل بها من بعد. فأما في التزامها فمضطرون، قال بعض الناس: عنى بالطور تشديد الأمر عليهم، وجعل ذلك مثلاً. وذلك بعيد. ومثله قال القاشانيّ: طور الدماغ للتمكن من فهم المعاني وقبولها. فإنه بعيد يأباه ظاهر الآية الأخرى. وإن كان الإطلاق في اللغة لا ينحصر في الحقيقة.