التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ
٥٧
وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ
٥٨
وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ
٥٩
وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ
٦٠
أُوْلَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ
٦١
-المؤمنون

محاسن التأويل

{ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ } أي: من خوف عذابه حذرون: { وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ } أي: شركاً جليّاً، ولا خفيّاً: { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا } أي: يعطون ما أعطوه من الصدقات: { وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } أي: خائفة: { أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } أي: من رجوعهم إليه تعالى، فتخشى أن تحاسب على ما قصرت من الحقوق، أو غفلت عنه من الآداب: { أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ } أي: في نيل الخيرات التي من جملتها الخيرات العاجلة الموعودة على الأعمال الصالحة. كما في قوله تعالى: { { فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ } [آل عِمْرَان: 148]، وقوله تعالى: { { وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } [العنكبوت: 27]، فقد أثبت لهم ما نفى عن اضدادهم، خلا أنه غيّر الأسلوب، حيث لم يقل: { أَولَئِكَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ } بل أسند المسارعة إليهم، إيماء إلى كمال استحقاقهم لنيل الخيرات بمحاسن أعمالهم. وإيثار كلمة في على كلمة إلى للإيذان بأنهم متقلبون في فنون الخيرات. لا أنهم خارجون عنها، متوجهون إليها، بطريق المسارعة كما في قوله تعالى: { { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ } [آل عِمْرَان: 133] أفاده أبو السعود.
{ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } أي: إياها سابقون. أي: ينالونها قبل الآخرة، حيث عجلت لهم في الدنيا، فتكون اللام لتقوية العمل. كما في قوله تعالى:
{ { هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } [63]، وقيل: المراد: { بالْخَيْرَاتِ } الطاعات. والمعنى: يرغبون في الطاعات والعبادات أشد الرغبة. وهم لأجلها فاعلون السبق، أو لأجلها سابقون الناس، والله أعلم، وقوله تعالى: { وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً.... }.