التفاسير

< >
عرض

وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ
٥٤
-آل عمران

محاسن التأويل

{ وَمَكَرُواْ } أي: الذين أحس عيسى عليه السلام منهم الكفر، بأن هموا بالفتك به وإرادته بالسوء، حيث تمالؤوا عليه ووشوا به إلى ملكهم: { وَمَكَرَ اللّهُ } أي: بهم بعد ذلك فانتقم منهم، وأورثهم ذلة مستمرة وأباد ملكهم: { وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } أي: أقواهم مكراً، وأنفذهم كيداً، وأقدرهم على إيصال الضرر من حيث لا يحتسب. وقال البقاعي كغيره في قوله تعالى: { وَمَكَرَ اللّهُ } أي: بأن رفعه إليه، وشبه ذلك عليهم حتى ظنوا أنهم صلبوه، وإنما صلبوا أحدهم، ويقال: إنه الذي دلّهم. وأما هو عليه السلام، فصانه عنده بعد رفعه إلى محل أوليائه وموطن قدسه، لينزله في آخر الزمان لاستئصالهم بعد أن ضربت عليهم الذلة بعد قصدهم له بالأذى الذي طلبوا به العز إلى آخر الدهر، فكان تدميرهم في تدبيرهم. ثم أخبر تعالى ببشارته بالعصمة من مكرهم بقوله:
{ إِِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ ... }.