التفاسير

< >
عرض

قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
٩٩
-آل عمران

محاسن التأويل

{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ } أي: عن دينه. وكانوا يحتالون لصدهم عن الإسلام: { مَنْ آمَنَ } مفعول تصدون قدم عليه الجار والمجرور للاهتمام به: { تَبْغُونَهَا } على الحذف والإيصال، أي: تبغون لها، أي: لسبيل الله التي هي أقوم السبل: { عِوَجاً } أي: اعوجاجاً وزيغاً وتحريفاً. قال ابن الأنباري: البغي يقتصر له على مفعول واحد إذا لم يكن معه اللام، كقولك: بغيت المال والأجر والثواب، وأريد ههنا: تبغون لها عوجاً، ثم أسقطت اللام. كما قالوا: وهبتك درهماً، أي: وهبت لك درهماً ومثله: صدتك ظبياً، أي: صدت لك ظبياً، وأنشد:

فتولى غلامهم ثم نادى أظليماً أصيدكم أم حمارا

أراد: أصيد لكم.
قال الرازي: وفي الآية وجه آخر، وهو أن يكون عوجاً في موضع الحال. والمعنى: تبغونها ضالين، وذلك أنهم كانوا يدعون أنهم على دين الله وسبيله، فقال تعالى: إنكم تبغون سبيل الله ضالين، وعلى هذا القول لا يحتاج إلى الحذف والإيصال.
وذكر ناصر الدين في " الانتصاف " وجها آخر قال: هو أتم معنى، وهو أن تجعل الهاء هي المفعول به، وعوجاً حال وقع فيها المصدر الذي هو عوجاً موقع الاسم، وفي هذا الإعراب من المبالغة أنهم يطلبون أن تكون الطريقة المستقيمة نفس العوج، على طريقة المبالغة في مثل رجل صوم، ويكون ذلك أبلغ في ذمهم وتوبيخهم - والله أعلم -.
{ وَأَنتُمْ شُهَدَاء } بأنها سبيل الله والصد عنها ضلال وإضلال: { وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } تهديد ووعيد.