التفاسير

< >
عرض

وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
١١٣
-النساء

محاسن التأويل

{ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ } بإعلامك ما هم عليه بالوحي وتنبيهك على الحق.
{ لَهَمّت طّآئِفَةٌ مّنْهُمْ أَن يُضِلّوكَ } برمي البريء والمجادلة عن الخائنين، يعني أسير بن عروة وأصحابه، يعني بذلك لما أثنوا على بني أبيرق ولاموا قتادة بن النعمان في كونه اتهمهم وهم صلحاء برءاء، ولم يكن الأمر كما أنهوه إلى رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم.
{ وَمَا يُضِلّونَ إِلاّ أَنفُسَهُمْ } لأن وباله عليهم.
{ وَمَا يَضُرّونَكَ مِن شَيْءٍ } لأنك إنما عملت بظاهر الحال وما كان يخطر ببالك أن الحقيقة على خلاف ذلك، ولما أنزل تعالى فصل القضية وجلاها لرسول صَلّى اللهُ عليّه وسلّم، امتن عليه بتأييده إياه في جميع الأحوال بقوله: { وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } أي: القرآن والسنة.
{ وَعَلمكَ } من أمور الدين والشرائع: { مَا لم تَكُنْ تَعْلم } أي: قبل نزول ذلك عليك، كقوله:
{ { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ } [الشورى: 52] الآية، وقال تعالى: { { وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلّا رَحْمَةً مّن رّبّكَ } [القصص: 86]، ولهذا قال تعالى: { وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } أي: فيما علمك وأنعم عليك.
قال الرازيّ: هذا من أعظم الدلائل على أن العلم أشرف الفضائل والمناقب، ثم أشار تعالى إلى ما كانوا يتناجون فيه حين يبيتون ما لا يرضى من القول، بقوله سبحانه:
{ لاّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مّن نّجْوَاهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ ... }.