التفاسير

< >
عرض

وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ
١١٩
-الأنعام

محاسن التأويل

قوله تعالى: { وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } إنكار لأن يكون لهم شيء يدعوهم إلى الاجتناب عن أكل ما ذكر عليه اسم الله تعالى من البحائر والسوائب. أي: وأي غرض لكم في أن تتحرجوا من أكله، وما يمنعكم عنه؟: { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } أي: بيّنه ووضحه.
قال بعض المفسرين: يعني في آية المائدة في قوله تعالى:
{ { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ } [المائدة: 3] الآية. وردّ بأن المائدة من آخر ما نزل بالمدينة، والأنعام مكية. فالصواب أن التفصيل إمّا في قوله تعالى بعد هذه الآية: { { قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً } [الأنعام: 145] الآية. فإنه ذكر بعد بيسير، وهذا القدر من التأخر لا يمنع أن يكون هو المراد، وإما على لسان الرسول، ثم أنزل بعد ذلك في القرآن. و ( فصل ) و ( حرم ) قرئ كل منهما معلوماً ومجهولاً. ومعنى الآية: لا مانع لكم من أكل ما ذكر، وقد بين لكم المحرم أكله، وهذا ليس منه.
{ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } أي: مما حرم عليكم. أي: إلا أن تدعوكم الضرورة إلى أكله بسبب شدة المجاعة، فيباح لكم.
{ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ } قُرئ بفتح الياء وضمها: { بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي: يضلون فيحرّمون ويحللون بأهوائهم وشهواتهم، من غير تعلق بشريعة.
{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ } أي: المتجاوزين لحدود الحق إلى الباطل، والحلال إلى الحرام.
تنبيه
قال الرازي: دلت هذه الآية على أن القول في الدين بمجرد التقليد حرام، لأن القول بالتقليد قول بمحض الهوى والشهوة، والآية دلت على أن ذلك حرام. انتهى.
وقال بعض الزيدية: في الآية دلالة على تحريم الفتوى والحكم بغير دلالة، ولكن اتباع الهوى.
ولما بين تعالى أنه فصل المحرمات، أتبعه بما يوجب تركها بالكلية، فقال سبحانه:
{ وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْأِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ ... }.