التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَٰمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
١٣٨
-الأنعام

محاسن التأويل

{ وَقَالُوا هَذِهِ } إشارة إلى ما جعلوه لآلهتهم, والتأنيث للخبر: { أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } أي: حرام ( والجمهور على كسر الحاء وسكون الجيم ) فَعْل بمعنى مفعول, كالذِّبح والطّحن, يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث والواحد والجمع, لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات. أي: محرمة علينا, أو محجرة علينا في أموالنا للأوثان. ويقرأ بضم الحاء.
{ لا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ } قال في " المدارك ": كانوا إذا عينوا أشياء من حرثهم وأنعامهم لآتيناهم قالوا: لا يطعمها إلا من نشاء: يعنون: خدم الأوثان، والرجال دون النساء { بِزَعْمِهِمْ } حال من فاعل ( قالوا ) أي: متلبسين بزعمهم الباطل من غير حجة.
قال ابن كثير: وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى:
{ { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ } [يونس: 59].
{ وَأَنْعَامٌ } أي: وقالوا مشيرين إلى طائفة أخرى من أنعامهم: هذه أنعام: { حُرِّمَتْ ظُهُورُها } يعنون بها البحائر والسوائب والحوامي: { وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا } أي: حالة الذبح، وإنما يذكرون عليها أسماء الأصنام: { افْتِرَاءً عَلَيْهِ } أي: على الله وكذباً منهم في إسنادهم ذلك إلى دين الله وشرعه، فإنه لم يأذن لهم في ذلك، ولا رضيه منهم { سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } أي: عليه، ويسندون إليه. وفيه وعيد وتهديد.
ثم بيّن تعالى فنّاً آخر من ضلالهم بقوله سبحانه:
{ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ ... }.