التفاسير

< >
عرض

أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ
٤٩
-الأعراف

محاسن التأويل

{ أَهَؤُلاءْ } الضعفاء من المؤمنين: { الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ } برفع درجاتهم في الآخرة، فهاهم في الجنة يتمتعون ويتنعمون، وفي رياضها يُحبرون.
وقوله تعالى: { ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } أي: لا خوف عليكم من العذاب النازل بالكفار، ولا تحزنون كحزن الكفار على فوات النعيم، وهذا إما من قول أصحاب الأعراف، يتآمرون بينهم بدخول الجنة بعد تبكيت أهل النار، فيقول بعضهم لبعض: ادخلوا الجنة، وإما من كلام أهل الأعراف للمؤمنين، أي: يقولون لهم: أدخلوا الجنة، أو من تتمة مخاطبة أهل الأعراف للرجال، كأنه قيل لهم: أنظروا إلى هؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمته، كيف نالوها، حيث قيل من قِبَله تعالى: { ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ }.
وعلى: كل فالجملة مبنية على قول محذوف إيجازاً، للعلم به.
لطيفة
بيّن الزمخشري سر حبسهم على الأعراف، ثم إدخالهم الجنة أبدع بيان، فقالرحمه الله : يقال لأصحاب الأعراف: ادخلوا الجنة، وذلك بعد أن يحبسوا على الأعراف، وينظروا إلى الفريقين، ويعرفوهم بسيماهم، ويقولوا ما يقولون.
وفائدة ذلك بيان أن الجزاء على قدر الأعمال، وأن التقدم والتأخر على حسبها، وأن أحداً لا يسبق عند الله إلا بسبقه في العمل، ولا يتخلف عنده إلا بتخلفه فيه، وليرغب السامعون في حال السابقين ويحرصوا على إحراز قصبتهم، وليتصوروا أن كل أحد يُعرف ذلك اليوم بسيماه التي استوجب أن يوسم بها من أهل الخير والشر، فيرتدع المسيء عن إساءته، ويزيد المحسن في إحسانه وليعلم أن العصاة يوبخهم كل أحد، حتى أقصر الناس عملاً. انتهى.
ثم بين تعالى ذلة أهل النار وسؤالهم أهل الجنة من شرابهم وطعامهم، بعد التكبر عليهم، وبعد ما أقسموا لا ينالهم الله برحمة، وأنهم لا يجابون إلى ذلك، بقوله سبحانه:
{ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ... }.