التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٣٧
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٣٨
بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ
٣٩
-يونس

تفسير المنار

بعد ما تقدم من إقامة البرهان على أن القرآن من عند الله، وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان عاجزا كغيره عن الإتيان بمثله في هدايته، وفي علمه ولغته - وما تلاه من إقامة الحجج على بطلان شركهم، وما بعده من بيان حالهم في اتباع أكثرهم لأدنى الظن وأضعفه في عقائدهم وتكذيبهم - عاد إلى تفنيد رأيهم الأفين في الطعن على القرآن بمقتضى الظن الضعيف من الأكثرين، والجحود العنادي من الأقلين، كالزعماء المستكبرين، فقال: { وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله } النفي هنا للشأن الذي هو أبلغ وآكد من نفي الشيء مباشرة كما تقدم مرارا، وإن غفل عن ذلك من أعربه إعرابا آخر لقصر نظره على ظاهر اللفظ، دون ما يقتضيه المقام من المبالغة في الرد، أي وما كان هذا القرآن العظيم في علو شأنه، المحلى له في أسلوبه ونظمه، وعلومه العالية، وحكمته السامية، وتشريعه العادل، وآدابه المثلى، وتمحيصه للحقائق الإلهية والاجتماعية، وإنبائه بالغيوب الماضية والآتية، وجعل المقصد من إصلاحه ما بينه آنفا من اتباع الحق والهدى، واجتناب الضلال باتباع الهوى، والاعتماد فيهما على العلم الصحيح - ما كان وما صح ولا يعقل أن يفتريه أحد على الله من دونه ويسنده إليه ; إذ لا يقدر غيره عز وجل عليه، فإن فرض أن بشرا يستطيع الإتيان بمثله، فلن يكون إلا بشرا أرقى وأكمل من جميع الحكماء والأنبياء وكذا الملائكة ومثله لن يفتري على الله، بل قال أشد الكفار عنادا وعداوة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهو أبو جهل لعنه الله: إن محمدا لم يكذب على بشر قط أفيكذب على الله؟!.
{ ولكن تصديق الذي بين يديه } أي ولكن كان تصديق الذي سبقه من الوحي لرسل الله تعالى بالإجمال كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلى الله عليهم بدعوته إلى أصول دين الله الإسلام، التي دعوا إليها من الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، بعد أن نسي بعض ذلك بقايا أتباعهم وضلوا عن بعض، وشوهوه بالتقاليد المبتدعة مما لم يكن يعلمه محمد الأمي - صلى الله عليه وسلم -، أو تصديق ذلك بكونه جاء وفاقا لما دعا به إبراهيم لأهل حرم الله، ولما بشر به موسى وعيسى والنبيون كما بيناه بالتفصيل، في تفسير قوله تعالى:
{ { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل } [الأعراف: 157] من جزء التفسير التاسع، ويجوز الجمع بين المعنيين.
{ وتفصيل الكتاب } الإلهي أي جنسه، وهو ما شرعه الله تعالى ليكتب ويهتدي به جميع البشر من العقائد والشرائع والعبر والمواعظ وشئون الاجتماع وسنن الله في خلقه { لا ريب فيه } هو لا ريب فيه، أو حال كونه لا ريب فيه، أي ليس فيه مثار للشك ولا موضع للريب ; لأنه الحق والهدى من { رب العالمين } من وحيه لا يقدر عليه غيره
{ { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } [النساء: 82].
{ أم يقولون افتراه } انتقال من بيان كونه أجل وأعلى من أن يفترى لعجز الخلق عن الإتيان بمثله، إلى حكاية زعم هؤلاء الجاهلين والمعاندين أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - افتراه، والاستفهام فيه للإنكار والتعجيب، أو التمهيد به إلى الرد عليه بتحدي التعجيز، وهو: { قل فأتوا بسورة مثله } في أسلوبه ونظمه وتأثيره وهدايته وعلمه، مفتراة في موضوعها، لا تلتزمون أن تكون حقا في أخبارها، { وادعوا من استطعتم من دون الله } واطلبوا للمظاهرة لكم والإعانة على ذلك من استطعتم دعاءهم من دون الله فإن جميع الخلق يعجزون عن ذلك مثلكم، فهذا كقوله تعالى:
{ { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } [الاسراء: 88] وهذه الآية في سورة الإسراء، وقد نزلت قبل يونس.
{ إن كنتم صادقين } في زعمكم أني افتريته. والجمهور على أن لفظ سورة هنا يصدق بالقصيرة كالطويلة، وبينا وجهه في تفسير آية التحدي من سورة البقرة (23) وهو المتبادر من تنكير السورة، إلا أن يقال: إن التنكير للتعظيم، أو لنوع من السور يدل عليه دليل كالسور التي فيها قصص الأنبياء وأخبار وعيد الدنيا والآخرة ; لأن الافتراء تتعلق تهمته بالإخبار لا بالإنشاء من أمر ونهي، كما أشرت إليه في تفسير سورة البقرة.
ورجح بعضهم أن المراد السورة الطويلة، أي مثل هذه السورة نفسها (يونس) في اشتمالها على أصول الدين والوعد والوعيد، كما يطلق لفظ الكتاب أو كتاب أحيانا ويراد به السورة الواحدة التي يذكر فيها، كقول من قال في أول سورة الأعراف
{ { المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه } [الأعراف: 1 و2] أي هذه السورة كتاب إلخ ومن تنكير لفظ ((سورة)) المراد بها النوع دون الوحدة قوله تعالى: { { ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة } [محمد: 20] أي يفرض فيها القتال، بدليل قوله بعده: { { فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال } [محمد: 20] الآية. وسنعود إلى هذا البحث في تفسير التحدي بعشر سور مثله مفتريات من سورة هود إن شاء الله تعالى.
ومن المعلوم بالبداهة أنه ما كان لعاقل مثله - صلى الله عليه وسلم - أن يتحداهم هذا التحدي، لو لم يكن عالما موقنا بأنه لا يستطيع الإنس والجن الإتيان بمثل هذا القرآن في جملته ولا بسورة مثله، لا أفراد العلماء والبلغاء منهم ولا جماعاتهم ولا جملتهم، إن فرض إمكان اجتماعهم وتعاونهم ومظاهرة بعضهم لبعض.
فلو كان هو الذي أنشأه وألفه لمصلحة الناس برأيه - كما ارتأى بعض المعجبين بعقله وذكائه وعلو أفكاره من الفلاسفة المتقدمين، وعلماء الماديين المتأخرين - لكان عقله وذكاؤه وعلو فكره مانعات له من هذا الجزم بعجز عقلاء الخلق من العوالم الظاهرة ((الإنس)) والخفية ((الجن)) عن الإتيان بسورة مثل ما أتى هو به ; فإن كل عاقل متوسط الذكاء والفكر يعلم أن كل ما أمكنه من الأمر فهو يمكن غيره، بل لا يأمن أن يوجد من هو أقدر عليه منه.
فهذه آية بينة للعقل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان موقنا بأنه من عند الله تعالى، وأنه هو كغيره لا يقدر على الإتيان بسورة مثله، وهي إحدى حجج الذين قالوا إنه لا يعقل أن يكون كاذبا مفتريا له. (فإن قيل) إنه يمكن أن يعتقد عجز نفسه وغيره في حال كونه وحيا من نفسه، معتقدا، أنه من ربه. (قلنا أولا) إن دعوى الوحي النفسي باطلة بأدلة كثيرة كما تقدم. (وثانيا) إن عجز غيره ممن كانوا أفصح منه دليل على عجزه بطريق الأولى.
ثم إن أكثر المتكلمين ومن على مذاهبهم من المفسرين، يعتمدون في إقامة الحجة على نبوته ورسالته - صلى الله عليه وسلم - على تحديه للعرب بالقرآن أن يأتوا بمثله إجمالا، أو بحديث مثله فبعشر سور مثله مفتريات فبسورة من مثل محمد - صلى الله عليه وسلم - أي في أميته، وبما ظهر من عجز العرب وغيرهم عن ذلك ; إذ لو قدر أحد على الإتيان بسورة مثله أو قريب منه لفعلوا ; لتوفر الدواعي من أعدائه على تكذيب دعواه ولا سيما بعد استفحال قوته، واضطرارهم إلى بذل أموالهم وأنفسهم في مكافحته، وبهذا يعلم الفرق الواضح بين تحديه - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن، وتحدي بعض الدجالين المغرورين ببعض ما هذوا به من نثر ونظم وسموه وحيا، كالباب والبهاء والقادياني، فإنه كان سخرية للعلماء والبلغاء، وقد أخفى البهائيون كتابه (الأقدس) عن الناس.
ثم إن أكثرهم على أن تحدي العرب إنما كان بما امتاز به من الفصاحة والبلاغة اللغوية. وقد صنفوا في بيان إعجاز القرآن بها كتبا مستقلة، ولم يوفوه حقه من ناحيتها ولا سيما نظمه العجيب بله النواحي المعنوية. (وقالوا) إن وجه الدلالة في ذلك على صدقه - صلى الله عليه وسلم - في دعوى النبوة وأنه من عند الله، هو أنه يتضمن تصديقه له كأنه قال
"صدق عبدي فيما يبلغه عني" ولذلك رجحوا أن هذه الدلالة وضعية كدلالة الكلام الإلهي، وقيل: إنها عقلية وتقدم بسط ذلك في تفسير آية البقرة.
وهذا الذي قالوه في إعجازه بالبلاغة قد اعترض عليه بعض الناس، حتى المتقدمين الذين كانوا أقرب إلى فهمه وامتيازه بها من أهل عصرنا. قال الفريقان: إن لكل بليغ من فصحاء كل أمة أسلوبا يمتاز به، وأنتم أيها المسلمون تقولون إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان أفصح قريش وهم أفصح العرب، فلا غرو أن يمتاز فيهم بهذا الأسلوب والنظم القرآني كما امتاز بعض شعراء الجاهلية والإسلام بأسلوب خاص وكما امتاز شكسبير في شعراء الإنكليز وفيكتور هيغو في الشعراء الفرنسيس، فعجز العرب عن الإتيان بمثل القرآن في بلاغته لا يدل على أنه من الله عز وجل.
ونقول إن هذا الاعتراض يذوب فيزول إذا عرض على الأشعة التي اقتبسناها من ضياء شمس القرآن، في إعجازيه اللفظي والمعنوي في أول تفسير هذه السورة، ثم في تفسير الآيتين (15، 16) منها. وأما قولهم في إحدى مقدماته: إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان أفصح قريش وأبلغهم في لغته، فقد بينا بالنقل الثابت أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن قبل نزول القرآن عليه يذكر في فحول فصحائهم ولا في وسطهم بل لم يكن يعد منهم، وإنما صار كلامه ممتازا بالفصاحة والبلاغة بما استفاده من وحي القرآن، كما استفاد من دونه منه، على أنه ظل ككلام غيره من البشر في البعد عن مشابهة نظم القرآن وأسلوبه وتأثيره، وهذا التفاوت لا نظير له في كلام بلغاء البشر.
فإن قيل إن ما يظهر في السور الطويلة من روعة البلاغة وبراعة النظم لا يظهر في السور القصيرة. (قلنا) لكن الناس عجزوا عن معارضة السور القصار كغيرها، ولخفاء وجه الإعجاز فيها على بعضهم قال من قال منهم: إن عجزهم كان بصرف الله تعالى لقدرهم عن المعارضة، وقال بعضهم: إن التحدي إنما كان بسورة طويلة كما نقلناه آنفا عن الرازي ووجهناه بأظهر مما وجهه به، وهو أن تكون مما أرادوه من تهمة افترائه.
وبيانه أنه إذا كان التحدي بسورة مثله مفتراة خاصا بالسور التي فيها قصص الرسل مع أقوامهم بالتفصيل، فهذه كلها من السور الطويلة كالأعراف ويونس وهود والحجر وطه والمؤمنون والطواسين والعنكبوت، وإن كان يعم السور المشتملة على نذر أولئك الأقوام المكذبين لرسلهم من غير تفصيل لدعوتهم لهم فيدخل في عمومه بعض سور المفصل أيضا كالذاريات والنجم والقمر والحاقة والفجر، ولا يدخل فيه على كل من التقديرين شيء من السور القصيرة لأنه ليس فيها شيء من ذلك. والتحدي في هذه السورة وسورة هود وسورة الطور مبني على تهمة الافتراء والتكذيب كما ترى إيضاحه في آية:
{ { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه } [يونس: 39] التي تلي هذا.
ومن تأمل ما في هذه السور من المفصل من التعبير عن المعنى الواحد بالعبارات العديدة مع تعدد أساليبها، واختلاف نظمها، وأنواع فواصلها، وألوان بيانها، وقوارع نذرها، وصوادع وعيدها، وقابليتها للترتيل بالنغمات المؤثرة اللائقة بكل منها، فأجدر به إن كان قد أوتي حظا من بيان هذه اللغة والشعور الذوقي ببلاغتها، أن يقتنع بأن إعجازها اللغوي كإعجاز قصص السور الطويلة أو أظهر، بصرف النظر عن كون موضوعها حقا موحى به من الله تعالى أم لا.
وأن يتبعه سر تأثيرها العجيب في أولئك المكذبين من بلغاء قريش وغيرهم، الذي عبر عنه الوليد بن المغيرة المخزومي - وهو في الذروة العليا منهم - بعبارته المشهورة ومنها قوله: ((وإنه ليعلو ولا يعلى، وإنه ليحطم ما تحته)) وغير ذلك مما بيناه في مباحث الوحي، وأن يعلم صدق الإمام عبد القاهر في قوله: ((أسال عليهم الوادي عجزا، وأخذ عليهم منافذ القول أخذا)) علما ذوقيا وجدانيا.
وأما من لا يعرف من بلاغة هذه اللغة إلا القواعد الفنية، وأمثلتها الجزئية المدونة في مثل مختصر السعد التفتازاني ومطولة من كتب المعاني والبيان، فأجدر به أن يطبقها على كل كلام وناهيك به إذا عد منها ما ذكره المتنطعون من المتأخرين فيما يسمونه المحسنات البديعية، وشروط الفصاحة وعيوبها، وقد سمعت أن بعضهم مج ذوقه بعض فواصل سورة القمر، فكان بعض المستشرقين أصح منه فهما وذوقا، إذ قال إنها من أبلغ سور القرآن أو أبلغها كلها بلا استثناء.
فإن قيل: إن التحدي في السور الثلاث: (يونس، وهود، والطور) جاء ردا على تهمة الافتراء والتقول كما قلتم، فيظهر فيه أن يختص بالسور التي تظهر فيها تهمة الافتراء كما قررتم ولكن التحدي في آية سورة البقرة ليس كذلك.
قلنا لكنه جواب للمرتابين فيه وهم المكذبون، فهو تأكيد لما قبله ; لأنه نزل بعده. وهي مدنية وهن مكيات. فإن منعنا هذا وقلنا إن التنكير فيها يصدق بأصغر سورة وهي الكوثر، وسلمنا أنه لا يظهر فيها إعجاز النظم والأسلوب.
قلنا إنها معجزة بما فيها من الإيجاز وخبري الغيب في أولها وآخرها كما شرحناه في تفسير الآية من الجزء الأول. وفي الجلالين ما يؤيد هذا فقد قال: في آية البقرة: هي مثله في البلاغة وحسن النظم والإخبار عن الغيب ا ه. وقال في آية يونس: هي مثله في الفصاحة والبلاغة على وجه الافتراء ا ه. وإعجاز السور الصغيرة المعنوي بالهدى والنور وإصلاح القلوب لا يكابر فيه إلا الجهول المحجوب.
{ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه } هذا إضراب عن بعض ما يتضمنه قولهم: (افتراه) وما يستلزمه ككونهم يعتقدون أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان يكذب، أو أن القرآن في جملته افتراء منه، وقد ثبت أنهم كانوا يعلمون تحريه الصدق في كل ما يقوله، وانتقال إلى بيان موضوع تكذيبهم بظنهم أنه محال في نفسه، وهو ما أنذرهم من عذاب الله لهم في الدنيا والآخرة إن لم يؤمنوا له ويتبعوه، وقد وصفهم بعدم إحاطتهم بعلمه، أي لم يعلموه من جميع وجوهه ونواحيه، وبأنه لما يأتهم تأويله، أي مصداقه إلى ذلك الوقت مع توقع إتيانه، وبتشبيه تكذيبهم إياه بتكذيب الذين من قبلهم بمثله، فبين ما كذبوا به بهذه الصفات الثلاث.
فالوصف (الأول) لما كذبوا به أنه ما لم يحيطوا بعلمه فيكون تكذيبهم صحيحا، وإنما ظنوا ظنا، والظن لا يغني من الحق شيئا.
(والثاني) قوله: { ولما يأتهم تأويله } أي ولم يأتهم إلى الآن ما يئول إليه ويكون مصداقا له بالفعل، وإتيانه متوقع بل آت لا بد منه، وقد خبط المفسرون الفنيون في معنى هذا التأويل منذ القرون الوسطى ; لأنهم لم يفهموا القرآن بلغته الحرة الفصحى، بل بلغة اصطلاحاتهم الفنية ولا سيما أصول الفقه والكلام.
فقال بعضهم: إنهم كذبوا بما لم يفهموا معناه، وقال بعضهم: إنهم كذبوا بما لم يظهر لهم وجه الإعجاز فيه، ولو صح هذا أو ذاك لكانوا معذورين بالتكذيب طبعا، وسبب مثل هذا الغلط جعلهم التأويل تارة بمعناه عند بعض المفسرين وهو رديف التفسير، وتارة بمعناه عند المتكلمين والأصوليين، وهو صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله في اللغة بشرط موافقته للشرع ; لتخرج تأويلات الباطنية وغلاة الصوفية.
وقد جمع الرازي كعادته كل ما رآه محتملا من هذا التكذيب في خمسة وجوه:
(1) تكذيب قصص القرآن، وذكر لها ثلاث صور.
(2) حروف التهجي في أوائل بعض السور إذ لم يفهموا منها شيئا، وزعم أن الله أجاب عنها بآية آل عمران في المحكمات والمتشابهات.
(3) ظهور القرآن منجما شيئا فشيئا.
(4) أخبار الحشر والنشر.
(5) العبادات، قالوا إن الله مستغن عن عبادتنا.
وكل هذه الوجوه باطلة لا يحتمل إرادة شيء منها إلا الرابع، وفسر عدم إتيانهم بجهلهم حقيقتها وحكمها، وهو باطل، وناهيك بحملها على الحروف المفردة في أول السور وهي ليست بكلام فيكذب أو يصدق. ثم قال: ((قال أهل التحقيق: قوله { ولما يأتهم تأويله } يدل على أن من كان غير عارف بالتأويلات وقع في الكفر والبدعة ; لأن ظواهر النصوص قد يوجد فيها ما تكون متعارضة، فإذا لم يعرف الإنسان وجه التأويل فيها وقع في قلبه أن هذا الكتاب ليس بحق. أما إذا عرف وجه التأويل طبق التنزيل على التأويل، فيصير نورا على نور يهدي الله لنوره من يشاء)) ا ه.
وهذا القول الذي عزاه إلى أهل التحقيق باطل بعيد عن الحق، وحكم على كتاب الله بما عابه من اتباع الظن، وما أهل التحقيق في عرفه إلا نظار علم الكلام المبتدع، وهو ظلمات بعضها على بعض، وما ولد البدع المضلة إلا الاشتغال به، وهذا التأويل الذي قال فيه ما قال لا يصح في اللغة، ولا أصل له في كتاب الله ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا في المأثور عن أصحابه - رضي الله عنهم - ولا عن أئمة سلف الأمة كما ستراه قريبا. وأما التأويل في لغة القرآن فله معنى واحد لا معنى له سواه، وهو عاقبة الشيء ومآله الذي يئول إليه من بيان مصداقه.
المراد منه بالفعل، كما قلنا آنفا وبيناه بالتفصيل في تفسير آية المحكمات والمتشابهات من سورة آل عمران، التي أطال الرازي في الكلام عليها فأخطأ محجة الصواب، وحرم الحكمة وفصل الخطاب، فكان أجدر بالخطأ هنا وقد التزم الاختصار، وأوضح الأدلة على ذلك بعد ما علمت من حمله التأويل على المعنى الاصطلاحي، غفلته عن نفي إتيانه بحرف (لما) الدال على توقعه ; إذ معناه أن تأويله لم يأتهم إلى الآن وإتيانه متوقع بعده، وغفلته عن تشبيه تكذيبهم بتكذيب من قبلهم في الجملة الآتية. والمتبادر منه أنه وعيد الله إياهم على تكذيبهم لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بالعذاب في الدنيا قبل الآخرة ونصره عليهم وهو ما فسر الآية به إمام المفسرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال:
يقول تعالى ذكره: ما بهؤلاء المشركين يا محمد تكذيبك، ولكن بهم التكذيب بما لم يحيطوا بعلمه مما أنزل الله عليك في هذا القرآن من وعيدهم على كفرهم بربهم. { ولما يأتهم تأويله } يقول: ولما يأتهم بعد بيان ما يئول ذلك الوعيد الذي توعدهم الله في هذا القرآن: { كذلك كذب الذين من قبلهم } يقول تعالى ذكره: كما كذب هؤلاء المشركون يا محمد بوعيد الله، كذلك كذب الأمم التي خلت قبلهم بوعيد الله إياهم على تكذيبهم رسلهم وكفرهم بربهم انتهى. وكذلك قال البغوي في تفسير التأويل لأنه محدث فقيه غير متكلم، وتبعهما الجلال هنا وفي آية الأعراف الآتي ذكرها.
الوصف (الثالث) التشبيه الذي ذكرناه في الإجمال، وهو قوله تعالى: { كذلك كذب الذين من قبلهم } شبه تكذيب مشركي مكة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بتكذيب من قبلهم من مشركي الأمم لرسلهم بما لم يحيطوا بعلمه، قبل أن يأتيهم تأويله من عذاب الله الذي أوعدهم به، كما ترى في قصصهم المفسرة في السور العديدة ولا سيما سورة الشعراء المبدوءة فيها بقوله:
{ كذبت قوم نوح المرسلين } [الشعراء: 105] { كذبت عاد المرسلين } [الشعراء: 123] { { كذبت ثمود المرسلين } [الشعراء: 141] ثم ذكر لفظ التكذيب في وعيدهم كقول هود لقومه: { { إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } [الشعراء: 135] إلى قوله: { { فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية } [الشعراء: 139] إلخ. وقول صالح لقومه بعدهم إذ أتتهم آية الناقة: { { ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم فعقروها فأصبحوا نادمين فأخذهم العذاب } [الشعراء: 156 - 158] إلخ.
فهذا تأويله المراد من قوله هنا: { فانظر كيف كان عاقبة الظالمين } أي فانظر أيها الرسول أو العاقل المعتبر، كيف كان عاقبة الظالمين لأنفسهم بتكذيب رسلهم، وهو تأويل وعيدهم لهم ; لتعلم مصير الظالمين من بعدهم، وهذه العاقبة مبينة بالإجمال في قوله:
{ { فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } [العنكبوت: 40] وسيأتي ما يؤيد ما قررناه كله قريبا في الآيات [46 - 55]. وقد أنذر قوم محمد - صلى الله عليه وسلم - ما نزل بالأمم قبلهم في الدنيا بهذه الآية وغيرها من هذه السورة في سور كثيرة، كما أنذرهم عذاب الآخرة، وكذبه المعاندون المقلدون في كل منهما ظانين أنه لا يقع، لا غير فاهمين لمعناه أو لإعجازه، ولكن قضت حكمته تعالى حفظ قومه من تكذيب أكثرهم وما تقتضيه من أخذ عذاب الاستئصال لهم. وارجع إلى قوله تعالى في سورة الأعراف: { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق } [الأعراف: 53] إلخ تعلم علم اليقين أن ما قررناه هو حق اليقين الذي لا تقبل غيره لغة القرآن وأنه هو الذي يتفق مع سائر الآيات، وأن ما قرره الرازي هو الباطل والضلال المبين الذي تدحضه الآية وما في معناها مما ذكرنا بعضه وأشرنا إلى بعض فعسى أن يكون قد استجاب الله دعاء شيخنارحمه الله فينا إذ قال:

ويخرج وحي الله للناس عاريا من الرأي والتأويل يهدي ويلهم

(استطراد في المتكلمين وتفسير إمامهم الرازي)
اعلم أن الفخر الرازي كان إمام نظار المتكلمين والأصوليين في عصره، وأن علماء النظر اعترفوا له بهذه الإمامة من بعده، ولكنه كان من أقلهم حظا من علم السنة وآثار الصحابة والتابعين، وأئمة السلف من المفسرين والمحدثين، بل وصفه الحافظ الذهبي إمام علم الرجال في عصره بالجهل بالحديث، فلم يجد التاج السبكي ما يدافع به عنه لأنه من أئمة الأشعرية الشافعية إلا الاعتراف بأنه لم يشتغل بهذا العلم وليس من أهله، فلا معنى لطعن عليه بجهله ولا بذكره في رجاله المجروحين ولا العدول. أما علمه بالكلام فقد قال بعض العارفين في وصف كتابه (محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من الفلاسفة والمتكلمين) ما ينبئك بحقيقته عند المحققين وهو:

محصل في أصول الدين حاصله من بعد تحصيله علم بلا دين
رأس الغواية في العقل السقيم فما فيه فأكثره وحي الشياطين

ولشيخ الإسلام ابن تيمية مصنف مستقل في نقض كتابه (أساس التقديس) وفيه. ولولا أن تصدى لإحياء شبهاته في هذا العهد اثنان من مكثري النشر في الصحف للمباحث الدينية أحدهما شيخ أزهري، وثانيهما كاتب مدني، لما أبدينا وأعدنا في تفنيد بدعه الكلامية المخالفة لنصوص الكتاب والسنة التي يجهلانها ; لأن بضاعة الأول نظريات متكلمي القرون الوسطى على قلة من يفهمها منهم اليوم وبضاعة الثاني نظريات بعض الإفرنج، ولما رأيا نظرية الرازي في التأويل تؤيد فهمهما الباطل، أراد الثاني ترويجها في سوق العامة بتسميته إمام المفسرين، وما كان إلا إمام المتكلمين.
وأما تفسيره فقد اشتهر قول بعض العلماء فيه: إن فيه كل شيء إلا التفسير كما في كتاب الإتقان والحق أن هذه مبالغة في الإنكار على ما هو الغرض الذي امتاز به تفسيره وهو نقل آراء الفلاسفة والمتكلمين، وحجج المعتزلة والأشاعرة.
فلينظر القارئ المستقل الفهم كيف فعل تقليد المسلمين لهؤلاء المتكلمين في دينهم: ينقل لهم متكلم مفسر عن متكلم مجهول زعم أنه من أهل التحقيق، أن هذه الآية من القرآن التي لم يعرف لغتها ولا معناها الناقل ولا المنقول عنه ((تدل على أن من كان غير عارف بالتأويلات (التي ابتدعوها) وقع في الكفر والبدعة)) وعلل ذلك بما هو باطل من وجوه نكتفي منها بما لا يخفى على عامي ذكي ولا بليد.
وهو أن المؤمن بالنصوص إذا رأى فيها ما هو متعارض ; فإنه إما أن يبحث عن وجوه الترجيح بين المتعارضات بمقتضى القواعد التي وضعها علماء الأصول في (كتاب التعارض والترجيح) إذا رأى أنه أهل لذلك وفي حاجة إليه، وإما أن يترك هذا البحث إلى أهله معتقدا أنهم أعرف به، ولا يكون هذا التعارض الصوري سببا لشكه في القرآن أو أنه ليس بحق مما يكون به مبتدعا أو كافرا.
ولو صح قول هذا القائل لوجب تحريم قراءة كتاب الله وكتب السنة على كل من لم يأخذ بقاعدتهم هذه، وبتعلم علم الكلام وعلم أصول الفقه قبل تلاوته لأجلها، وإن كان عالما بهدي السلف وأقوال أئمته، وهذا تقييد لكتاب الله تعالى وصد عنه بتأويلاتهم المبتدعة بعد عصر النور الأول لهذه الأمة، ويلزم به أن يحكموا على أكثر من يقرءونه بالكفر والبدعة، والحق أن هذه التأويلات التي فتنوا بها هي المثار الأكبر للشكوك والبدع التي هي بريد الكفر، وأن كتاب الله كله هدى ونور، وأصح بيان له سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وخير المهتدين بها سلف الأمة وحفاظ السنة.
وجملة القول: أن مذهب السلف الصالح وجوب الإيمان بكل ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه، وما صح من وصف رسوله - صلى الله عليه وسلم - له على ظاهره من غير تعطيل للمعنى اللغوي يجعله كاللغو، ولا تمثيل بتشبيه لله بخلقه يعد من النقص، ولا تأويل يخرج الظاهر المتبادر عن معناه بمحض الرأي.
واعلم أيها القارئ أن الخواطر التي تعرض لبعض الناس مما لا يليق به تعالى، لا تنقص إيمان الموقن بكتابه وصدق رسوله المتبع لهما، كما ورد في الأحاديث الصحيحة فيمن يوسوس له الشيطان: من خلق الله؟ وفيمن أوصى بحرق جثته لئلا يبعثه الله ويعذبه. قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوسوسة فقالوا إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يحترق حتى يصير حممة (أي فحمة) أو يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به؟ قال
"ذلك محض الإيمان" رواه مسلم، يعني أن الوسوسة لا يسلم أحد منها، وأن كراهة المؤمن لها دليل على إيمانه المحض الخالص.
هذا وإن أكثر كبار النظار من المتكلمين قد رجعوا إلى مذهب السلف في الإيمان بظاهر النصوص، وفي مقدمتهم إمام الحرمين كما نقله عنه الحافظ ابن حجر في شرحه للبخاري (من كتاب التوحيد) ومن قبله والده الإمام الجويني الذي نقل السبكي في ترجمته أن علماء عصره قالوا: لو بعث الله تعالى نبيا في هذا العصر لكان الجويني، ومن بعدهما أبو حامد الغزالي في آخر عمره، ونقل مثل هذا عن الفخر الرازي أيضا رحمهم الله ورحمنا وعفا عنهم وعنا، وقد صرح الغزالي من قبل رجوعه إلى مذهب السلف أن علم الكلام ليس من علوم الدين، وإنما هو لحراسة العقيدة كالحرس للحاج (وأقول) إنما راجت كتبه في عصرهم ; لأنها وضعت للرد على ملاحدتهم ومبتدعتهم ولا تنفع في الرد على ملاحدة هذا العصر ولا مبتدعته كما بيناه مرارا.
وأما تلقين المسلمين أنفسهم للعقائد وقواعد الإسلام، فيجب أن يعتمد فيها على آيات القرآن، والمأثور في الأحاديث، وسيرة الصحابة وعلماء التابعين وأئمة الهدى قبل ظهور البدع، ومن أكبر الضلال أن يعتمد فيها على أقوال المتكلمين، فتجعل أصلا ترد إليها آيات القرآن المبين، إيثارا لبيانهم على بيانه.
وإن تعجب فعجب جعلهم عقيدة السنوسية الصغرى الأساس الأول لتعليم التوحيد في الأزهر وغيره، وإنما هي نظريات كلامية غير شرعية، وقد أخطأ محشوها وشراحها في جعل التوحيد عبارة عن نفي الكم المتصل والكم المنفصل في ذات الله وصفاته وأفعاله، أو المنفصل في أفعاله فقط، وهي فلسفة مبتدعة لا يعرفها الشرع ولا تدل عليها اللغة، كما أخطأ مؤلفها في تفسير كلمة التوحيد ((لا إله إلا الله)) بلازم من لوازمها لا يتضمن معناها الذي لأجله جعلت عنوان الدعوة إلى الإسلام، وتحكم في صفات الله بالظن الذي ذمه الله بأنه لا يغني من الحق شيئا، فزعم أن السمع والبصر يتعلقان بجميع الموجودات.
يعني أنه تعالى يسمع ذوات الجواهر وأعراضها كالألوان والصفات، ويرى الأصوات ويبصر اللغات. غافلا عن ذلك وعن قوله:
{ { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } [البقرة: 169] ومع هذا زعم بعض علماء الأزهر أن إبراهيم خليل الرحمن - صلى الله عليه وسلم - يقرأ هذه العقيدة في الآخرة لأولاد المسلمين، وهو إمام الموحدين، الذي آتاه حجته في الدنيا على قومه وهم علماء عصره وعلى سائر العالمين، واطمئنان القلب بكيفية إحيائه تعالى للميتين، فكيف يحتاج بعد كشف الحجب في الآخرة إلى نظريات السنوسي ومن فوقه من نظار المتكلمين؟؟
وقد صرح السيد الألوسي تبعا لغيره من المحققين العارفين، بما حققناه هنا في علم الكلام والمتكلمين، عند الكلام على آية الظن في باب الإشارة من هذا السياق فقال ما نصه:
{ { وما يتبع أكثرهم إلا ظنا } [يونس:36] ذم لهم بعدم العلم بما يجب لمولاهم وما يمتنع وما يجوز، ولا يكاد ينجو من هذا الذم إلا قليل، ومنهم الذين عرفوه جل شأنه به لا بالفكر، بل يكاد يقصر العلم عليهم، فإن أدلة أهل الرسوم من المتكلمين وغيرهم متعارضة، وكلماتهم متجاذبة، فلا تكاد ترى دليلا سالما من قيل وقال، ونزاع وجدال، والوقوف على علم من ذلك مع ذلك أمر أبعد من العيوق، وأعز من بيض الأنوق.

لقد طفت في تلك المعاهد كلها وسرحت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائر على ذقن أو قارعا سن نادم

فمن أراد النجاة فليفعل ما فعل ليحصل له ما حصل لهم، أولا فليتبع السلف الصالح فيما كانوا عليه في أمر دينهم، غير مكترث بمقالات الفلاسفة ومن حذا حذوهم من المتكلمين التي لا تزيد طالب الحق إلا شكا)) ا ه.