مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
الصفحة الرئيسية
>
مكتبة التفاسير
>
كتب التفاسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ)
بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ)
النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ)
معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ)
البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ)
غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ)
اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ)
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ)
الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ)
تفسير مجاهد / مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ)
الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ)
التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ)
تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ)
حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ)
تفسير سفيان الثوري/ عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)
تفسير النسائي/ النسائي (ت 303 هـ)
تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ)
محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ)
تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ)
كتاب نزهة القلوب/ أبى بكر السجستاني (ت 330هـ)
عرض
قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ
١٣٩
أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
١٤٠
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٤١
-البقرة
أضف للمقارنة
تفسير المنار
هذا ضرب آخر من محاجة أهل الكتاب جار على نسق سابقه مؤتلف معه متصل به غير منقطع ولا نازل في واقعة خاصة للرد على كلمات قالها اليهود كما ذهب إليه (الجلال) وغيره إذ قالوا: إن اليهود قالوا يجب أن يكون جميع الناس تابعين لنا في الدين؛ لأن الأنبياء منا والشريعة نزلت علينا، ولم يعهد في العرب أنبياء ولا شرائع، نعم لا ننكر صدور هذا القول من اليهود، فإنهم كانوا يقولون مثله دائما، وإنما نقول: إن الآيات متناسقة مع ما قبلها متممة له، مزيلة لشبهات كانت فاشية في القوم في كل مكان، لا خاصة برد قول لأحد يهود الحجاز.
الآيات السابقة بينت أن الملة الصحيحة هي ملة إبراهيم، وهي لم تكن يهودية ولا نصرانية، وإنما هي صبغة الله التي لا صنع لأحد فيها، بل هي بريئة من اصطلاحات الناس وتقاليد الرؤساء فهي الجديرة بالاتباع، ولكن التقاليد والأوضاع قد طمستها بعدما جرى الأنبياء عليها. وحلت تلك التقاليد محلها حتى ذابت هي فيها، وخفيت فلم تعد تعرف، ولذلك جاء محمد - عليه الصلاة والسلام - ببيانها، ودعوة الناس إلى الرجوع إليها، فيبين - تعالى - بتلك المحاجة الحق الذي يجب التعويل عليه، ثم أخذ في هذه الآيات يزيل الموانع ويبطل الشبهات المعترضة في طريق ذلك الحق، فأمر نبيه بما ترى من الحجة في قوله:
{ قل أتحاجوننا في الله } بدعواكم الاختصاص بالقرب منه، وزعمكم أنكم أبناء الله وأحباؤه، وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى، ومن أين جاءكم هذا القرب والاختصاص بالله دوننا { وهو ربنا وربكم } ورب العالمين، فنسبة الجميع إليه واحدة: هو الخالق وهم المخلوقون، وهو الرب وهم المربوبون، وإنما يتفاضلون بالأعمال البدنية والنفسية { ولنا أعمالنا } التي تختص آثارها بنا إن خيرا فخير، وإن شرا فشر { ولكم أعمالكم } كذلك، وروح الأعمال كلها الإخلاص، فهو وحده الذي يجعلها مقربة لصاحبها من الله ووسيلة لمرضاته { ونحن له مخلصون } من دونكم، فإنكم اتكلتم على أنسابكم وأحسابكم، واغتررتم بما كان من صلاح آبائكم وأجدادكم، واتخذتم لكم وسطاء وشفعاء منهم تعتمدون على جاههم، مع انحرافكم عن صراطهم، وما هو إلا التقرب إلى الله - تعالى - بإحسان الأعمال، مع الإخلاص المبني على صدق الإيمان، وهو ما ندعوكم إليه الآن، فكيف تزعمون أن الإدلاء إلى ذلك السلف الصالح بالنسب، والتوسل إليهم بالقول هو الذي ينفع عند الله - تعالى - وأن الاستقامة على صراطهم المستقيم والتوسل إلى الله - تعالى - بما كانوا يتوسلون إليه به من صالح الأعمال والإخلاص في القلب لا ينفع ولا يفيد، وما كان سلفكم مرضيا عند الله - تعالى - إلا به؟ هل كان إبراهيم مقربا من الله - تعالى - بأبيه آزر المشرك، أم كان قربه وفضله بإخلاصه وإسلام قلبه إلى ربه؟ فكما جعل الله النبوة في إبراهيم وجعله إماما للناس في الإسلام والإخلاص جعلها كذلك في محمد - صلى الله عليه وسلم - فإذا صح لكم إنكار نبوة محمد؛ لأنه لم يكن في سلفه العرب أنبياء فأنكروا نبوة إبراهيم، فإن العلة واحدة، فكيف لا يتحد المعلول؟
وحاصل معنى الآية: إبطال معنى شبهة أهل الكتاب أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنه لا ينجو من كان على غير طريقتهم، وإن أحسن في عمله وأخلص في قصده، وأنهم هم الناجون الفائزون وإن أساءوا عملا ونية؛ لأن أنبياءهم هم الذين ينجونهم ويخلصونهم بجاههم، فالفوز عندهم بعمل سلفهم لا بصلاح أنفسهم ولا أعمالهم، وهذا الاعتقاد هدم لدين الله الذي بعث به جميع أنبيائه ودرج عليه من اتبع سبيلهم، فإن روح الدين الإلهي وملاكه هو التوحيد والإخلاص المعبر عنه بالإسلام، وكل عمل أمر به الدين فإنما الغرض منه إصلاح القلب والعقل بسلامة الاعتقاد وحسن القصد، فإذا زال هذا المعنى وحفظت جميع الأعمال الصورية فإنها لا تفيد شيئا، بل إنها تضر بدونه، لأنها تشغل الإنسان بما لا يفيد، وتصده عن المفيد.
ولا شك أن أهل الكتاب كانوا قد أزهقوا هذا الروح الإلهي من دينهم، فسواء كان ما حفظوه من التقاليد والأعمال مأثورا عن أنبيائهم أم غير مأثور، إنهم ليسوا على دين الله، ومن كان على بصيرة منهم عرف أن ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - هو إحياء لروح الدين الذي كان عليه جميع الأنبياء والمرسلين، وتكميل لشرائعه وآدابه بما يصلح لجميع البشر في كل زمان ومكان.
ثم إن من تأمل هذا وتأمل حال المسلمين يظهر له أنهم قد اتبعوا سنن من قبلهم شبرا بشبر وذراعا بذراع، وسيرجع من يريد الله بهم الخير إلى دين الله - تعالى - بالرجوع إلى كتابه الذي حرم عليهم تقليد آراء الناس فجاوزوه بأن حرموا العمل به، كما رجع الألوف وألوف الألوف من أهل الكتاب إلى ذلك في القرون الأولى من ظهور الإسلام، وسيرجع غيرهم من سائر البشر إليه فيعم العالمين
{ ولتعلمن نبأه بعد حين }
[ص: 88].
{ أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى }؟ قال الأستاذ الإمام: إن { أم } هنا معادلة لما قبلها خلافا (للجلال) ومن على رأيه القائلين: إنها بمعنى بل، كأنه قال: أتقولون: إن هذا الامتياز لكم علينا والاختصاص بالقرب من الله دوننا هو من الله، والحال أنه ربنا وربكم... إلخ؟ أم تقولون: إن امتياز اليهودية أو النصرانية التي أنتم عليها بأن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا عليها؟ إن كنتم تقولون هذا فإن الله يكذبكم فيه، وأنتم تعلمون أيضا أن اسمي اليهودية والنصرانية حدثا بعد هؤلاء، بل حدث اسم اليهودية بعد موسى، واسم النصرانية بعد عيسى، كما حدث لليهود تقاليد كثيرة صار مجموعها مميزا لهم. وأما النصارى فجميع تقاليدهم الخاصة بهم المميزة للنصرانية حادثة، فإن عيسى -
عليه السلام
- كان عدو التقاليد، ولهذا كان النصارى على كثرة ما أحدثوا أقرب إلى الإسلام؛ لأنهم لم ينسوا جميعا كيف زلزل { روح الله } تقاليد اليهود الظاهرة ما كان منها في التوراة وما لم يكن، ولكن الذين ادعوا اتباعه زادوا عليهم من بعده في ابتداع التقاليد والرسوم.
وزعم بعض المفسرين أن هذه الآية نزلت في الرد على اليهود، إذ كانوا يقولون: إن إبراهيم كان يهوديا، وعلى النصارى إذ كانوا يقولون: إنه كان نصرانيا، قال الأستاذ الإمام: وهذا غير صحيح. كلا إن الآية نزلت في إقامة الحجة عليهم بأنهم يعتقدون أن إبراهيم كان على الحق وأن ملته هي الملة الإلهية المرضية عند الله - تعالى - وإذا كان الأمر كذلك وكانت هذه التقاليد التي تقلدوها غير معروفة على عهد إبراهيم فما بالهم صاروا ينوطون النجاة بها، ويزعمون أن ما عداها كفر وضلال؟ فهو لا يثبت لهم القول بأن إبراهيم كان يهوديا أو نصرانيا، وإنما يقول: إنهم لا يقدرون على القول بذلك لأن البداهة قاضية بكذبهم فيه، ولذلك قال لنبيه { قل أأنتم أعلم أم الله } أي إذا كان الله قد ارتضى للناس ملة إبراهيم باعترافكم وتصديق كتبكم، وذلك قبل وجود اليهودية والنصرانية، فلماذا لا ترضون أنتم تلك الملة لأنفسكم؟ أأنتم أعلم بالمرضي عند الله أم الله أعلم بما يرضيه وما لا يرضيه؟ لا شك أن الله يعلم وأنتم لا تعلمون.
وقد صرح ابن جرير الطبري بأن قراءة { أم يقولون } بالتحتية شاذة، وعلى القول بأنها سبعية يكون في الكلام التفات. وأقول: قراءة التاء هي لابن عامر وحمزة والكسائي وحفص، وهي للخطاب، وقراءة الياء للباقين، فلا عبرة بعد ابن جرير إياها شاذة.
{ ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله }؟ في هذا الاستفهام وجهان:
أحدهما: أنه متمم لما قبله من إقامة الحجة بملة إبراهيم، يقول: إن عندكم شهادة من الله بأن إبراهيم كان على حق، وكان مرضيا عند الله - تعالى - فإذا كتمتم ذلك لأجل الطعن بالإسلام، فقد كتمتم شهادة الله، وكنتم أظلم الظالمين، وإذا اعترفتم به فإما أن تقولوا: إنكم أنتم أعلم من الله بما يرضيه، وإما أن تقوم عليكم الحجة وتحق عليكم الكلمة إن لم تؤمنوا بما تدعون إليه من ملة إبراهيم، وأحد الأمرين ثابت، لا يقبل مراوغة مباهت.
والوجه الثاني - وهو أظهر - أن الشهادة المكتومة هي شهادة الكتاب المبشرة بأن الله يبعث فيهم نبيا من بني إخوتهم، وهم العرب أبناء إسماعيل، وكانوا - ولا يزالون - يكتمونها بالإنكار على غير المطلع على التوراة وبالتحريف على المطلع، فهو يبين هنا - بعد إقامة الحجة بإبراهيم على أن زعمهم حصر الوحي في بني إسرائيل باطل - أن هناك شهادة صريحة بأن الله سيبعث فيهم نبيا من العرب، فكان هذا دليلا ثالثا وراء الدليل العقلي المشار إليه بقوله: { وهو ربنا وربكم } والدليل الإلزامي المشار إليه بقوله: { أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل }... إلخ، فكأنه يقول: إن هؤلاء إلا مجادلون في الحق بعدما تبين، مباهتون للنبي مع العلم بأنه نبي، إذ ما كان لهم أن يشتبهوا في أمره بعد شهادة كتابهم له؛ فإذا كان ظلمهم أنفسهم قد انتهى بهم إلى آخر حدود الظلم - وهو كتمان شهادة الله - تعالى - تعصبا لجنسيتهم الدينية، التي ارتبط بها الرؤساء بالمرءوسين بروابط المنافع الدنيوية من مال وجاه - فكيف ينتظر منهم أن يصغوا إلى بيان، أو يخضعوا لبرهان؟ والاستفهام هنا يتضمن التوبيخ والتقريع المؤكدين بالوعيد في قوله: { وما الله بغافل عما تعملون }، وإنما الجزاء على الأعمال، ثم ختم المحاجة بتأكيد أمر العمل، وعدم فائدة النسب فقال:
{ تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون } وإنما تسئلون عن أعمالكم وتجازون عليها، فلا ينفعكم ولا يضركم سواها، وهذه قاعدة يثبتها كل دين قويم، وكل عقل سليم، ولكن قاعدة الوثنية القاضية باعتماد الناس في طلب سعادة الآخرة، وبعض مصالح الدنيا على كرامات الصالحين تغلب مع الجهل كل دين وكل عقل، ومنع الجهل التقليد المانع من النظر في الأدلة العقلية والدينية جميعا، اللهم إلا مكابرة الحس والعقل، وتأويل نصوص الشرع، تطبيقا لهما على ما يقول المقلدون المتبعون (بفتح اللام والباء) وقد أول المؤولون نصوص أديانهم تقريرا لاتباع رؤسائهم والاعتماد على جاههم في الآخرة؛ لذلك جاء القرآن يبالغ في تقرير قاعدة ارتباط السعادة بالعمل والكسب وتبيينها، ونفي الانتفاع بالأنبياء والصالحين لمن لم يتأس بهم في العمل الصالح؛ ولذلك أعاد هذه الآية بنصها في مقام محاجة أهل الكتاب المفتخرين بسلفهم من الأنبياء العظام، المعتمدين على شفاعتهم وجاههم وإن قصروا عن غيرهم في الأعمال. وفائدة الإعادة تأكيد تقرير قاعدة بناء السعادة على العمل دون الآباء والشفعاء، بحيث لا يطمع في تأويل القول طامع، والإشعار بمعنى يعطيه السياق هنا وهو: أن أعمال هؤلاء المجادلين المشاغبين من أهل الكتاب مخالفة لأعمال سلفهم من الأنبياء، فهم في الحقيقة على غير دينهم.
وقد سبق القول بأن الآية أفادت في وضعها الأول: أن إبراهيم وبنيه وحفدته، قد مضوا إلى ربهم بسلامة قلوبهم وإخلاصهم في أعمالهم، وانقطعت النسبة بينهم وبين من جاء بعدهم فتنكب طريقهم، وانحرف عن صراطهم، وإن أدلى إليهم بالنسب، فكل واحد من السلف والخلف مجزي بعمله، لا ينفع أحدا منهم عمل غيره من حيث هو عمل ذلك الغير ولا شخصه بالأولى، وذلك أنها جاءت عقب بيان ملة إبراهيم وإيصاء بعضهم بعضا بها، وبيان دروجهم عليها، ثم جاء بعد ذلك الاحتجاج على القوم بمن يعتقدون فيهم الخير والكمال، وكونهم لم يكونوا على هذه اليهودية ولا هذه النصرانية اللتين حدثتا بعدهم، فجاءت قاعدة الأعمال في هذا الموضع تبين أن المتخالفين في الأعمال والمقاصد لا يكونون متحدين في الدين ولا متساوين في الجزاء، فأفادت هنا ما لم تفده هناك. وللمسلمين أن يحاسبوا أنفسهم، ويحكموا قاعدة العمل والجزاء بينهم وبين سلفهم، ولا يغتروا بالتسمية إن كانوا يعقلون.
وأزيد على ما تقدم أن انتفاع الناس بعضهم ببعض في الدنيا إنما يكون بمقتضى سنن الله - تعالى - في الأسباب والمسببات، ومن المعلوم شرعا وعقلا: أن الميت ينقطع عمله بخروجه من عالم الأسباب إلى البرزخ من عالم الغيب، وأما الآخرة فلا كسب فيها، وأمرها إلى الله وحده ظاهرا وباطنا، كما قال - تعالى -:
{
{ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله }
[الانفطار: 19]
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2024 © جميع الحقوق محفوظة