التفاسير

< >
عرض

الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ
١
أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ ٱلْكَافِرُونَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ
٢
-يونس

بحر العلوم

قوله تعالى: { الر }، قال ابن عباس يعني: أنا الله أرى (من العرش إلى الثرى فهل يرى أحد مثل ما أرى) وهكذا عن الضحاك، وقد ذكرنا تفسير الحروف في أول سورة البقرة، قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر (الر) بإمالة الرا. وقرأ ابن كثير وحفص بنصب الراء. وقرأ نافع بين ذلك. { تِلْكَ ءايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني هذه آيات الكتاب الذي أنزل عليك يا محمد تلك الآيات التي وعدتك يوم الميثاق أن أوحينا إليك الكتاب. { ٱلْحَكِيمِ } قال مقاتل يعني المحكم من الباطل لا كذب فيها ولا اختلاف. وقال الكلبي: يعني بما حكم أحكم بحلاله وحرمته ويقال الحكيم يعني الحاكم على الكتب كلها. ويقال تلك آيات يعني حجج وبراهين. وهي التي احتج بها النبي - صلى الله عليه وسلم - على دعواه ثم قال { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا } لأن أهل مكة كانوا يتعجبون ويقولون { أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً } فنزل { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مّنْهُمْ } يقول: أعجب أهل مكة أن أختار عبداً من عبيدي وأرسله إلى عبادي، من جنسهم وحسبهم حتى يقدروا أن ينظروا إليه، يعرفونه ولا ينكرونه، ثم بين ما أوحى الله تعالى إليه فقال { أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ } يعني: خوف أهل مكة بما في القرآن من الوعيد. ويقال في الآية تقديم ومعناه تلك آيات الكتاب الحكيم للناس أكان عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وقال غلبة المفسرين على ظاهر التنزيل ثم قال { وَبَشّرِ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } أي: بما في القرآن من الثواب في الجنة { أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبّهِمْ } قال مقاتل يعني بأن أعمالهم التي قدموها بين أيديهم سلف خير عند ربهم وهي الجنة. وقال ابن عباس يعني: الصحابة عند ربهم وهي الجنة وروي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: يعني شفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - لهم شفيع صدق عند ربهم. وقال الحسن: هي رضوان الله في الجنة. وقال القتبي يعني عملاً صالحاً قدموه. { قَالَ ٱلْكَـٰفِرُونَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ مُّبِينٌ } قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر لَسِحْرٌ بغير ألف يعني إن هذا القرآن لسحر مبين. كذب ظاهر. قرأ الباقون لَسَاحِرٌ مُبِينٌ فإِن قيل. إنما قال الكفار هذا القول فما الحكمة في حكاية كلامهم في القرآن؟ قيل: الحكمة فيه من وجوه أحدها: أنهم كانوا يقولون قولاً فيما بينهم فيظهر قولهم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان في ذلك علامة لنبوته لمن أيقن به. والثاني: أن في ذلك تعزية للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليصبر على ذلك كما قال { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } والثالث: أن في ذلك تنبيهاً لمن بعده أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يمتنع بما يسمع من المكروه