التفاسير

< >
عرض

وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ
٢٦
يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ
٢٧
-إبراهيم

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ } يعني: كلمة الشرك { كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } وهي الحنظلة ليس لها حلاوة ولا طهارة ولا رائحة طيبة. فكذلك الشرك بالله خبيث. ثم وصف الشجرة فقال: { ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ } يقول اقتلعت من فوق الأرض { مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } يعني: ليس لها أصل يجيء بها الريح ويذهب فكذلك الكفر ليس له أصل ولا حجة في الأرض ولا في السماء. ثم قال تعالى: { يُثَبّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ } بلا إله إلا الله { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } يعني: يثبتهم على ذلك القول عند النزع { وَفِي ٱلآخِرَةِ } يعني: في القبر. وقال البراء بن عازب نزلت الآية في عذاب القبر. يسأل من ربك ومن نبيك وما دينك؟ يعني إذا أجاب فقد ثبته الله تعالى وقال الضحاك إذا وضع المؤمن في قبره وانصرف عنه الناس دخل عليه ملكان فيجلسانه ويسألانه من ربك ومن نبيك وما دينك وما كتابك وما قبلتك؟ فيثبته الله في القبر كما يثبته في الحياة الدنيا بالإقرار بالله تعالى وكتبه ورسله. وروى ابن طاووس عن أبيه أنه قال في الحياة الدنيا يعني قول لا إله إلا الله يثبتهم عليها في الدنيا وفي الآخرة عند المسألة في القبر وهكذا قال قتادة. وقال الربيع بن أنس في الحياة الدنيا يعني: في القبر. وفي الآخرة يعني: يوم الحساب. ويقال في الحياة الدنيا وفي الآخرة يعني: يموت على الإيمان ويبعث يوم القيامة مع الإيمان. ثم قال { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني: عن الحجة فلا يقولونها في القبر. وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "إذا دخل الكافر والمنافق قبره قالا له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول لا أدري فيقولان له لا دريت ويضربانه بمرزبة فيصيح صيحة يسمعها ما بين الخافقين إلا الجن والإنس" . وهو قوله تعالى: { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } { وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَاء } يعني: ما شاء للمؤمنين أن يثبتهم وللكافرين أن يضلهم عن الجواب.