التفاسير

< >
عرض

وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً
٢٩
إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً
٣٠
أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً
٣١
-الكهف

بحر العلوم

ثم قال تعالى: { وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكُمْ } أي: القرآن يعني الذي أعطاكم به الحق من ربكم وهو قول (لا إله إلا الله يعني: ادعهم إلى الحق) { فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ } أي: من شاء فليقل لا إِله إِلا الله ويقال: معناه: من شاء الله له الإيمان آمن ومن شاء الله له الكفر كفر ويقال فمن شاء فليؤمن من لفظه لفظ المشيئة والمراد به الأمر يعني: آمنوا ومن شاء فليكفر لفظه لفظ المشيئة والمراد به الخبر ومعناه: ومن كفر { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا } يعني: للكافرين { أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } يعني: أن دخانها محيط بالكافرين قال الكلبي، ومقاتل: يخرج عنق من النار فيحيط بهم كالحظيرة { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ } من العطش { يُغَاثُواْ بِمَاء كَٱلْمُهْلِ } أي: أسودَ غليظاً كرديء الزيت وهذا قول الكلبي والسدي وابن جبير وروى عكرمة عن ابن عباس مثله ويقال: هو الصفر المذاب أو النحاس المذاب إذ بلغ غايته في الحر وروى الضحاك عن ابن مسعود: أنه أذاب فضة من بيت المال ثم بعث إلى أهل المسجد وقال من أحب أن ينظر إلى المهل فلينظر إلى هذا وقال مجاهد: المهل القيح والدم الأسود كعكر الزيت { يَشْوِى ٱلْوجُوهَ } يعني: إذا هوى به إلى فيه أنضج وجهه { بِئْسَ ٱلشَّرَابُ } المهل { وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا } يقول: بئس المنزل النار رفقاؤهم فيها الشياطين والكفار { وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا } أي: مجلساً وأصل الارتفاق الاتكاء على المرفق { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } أي: لا نبطل ثواب من أحسن عملاً في الآخرة ثم بين ثوابهم فقال: { أُوْلَـئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } العدن الإقامة ويقال: العدن بطنان الجنة وهي وسطها { تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَـٰرُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } السندس: ما لطف من الديباج والاسبرق ما ثخن من الديباج وقال القتبي: يقول قوم: هو فارس معرب أصله إستبرك وقال الزجاج في قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ }: يجوز أن يكون خبره { إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } كأنه يقول: إِنا لا نضيع أجرهم ويحتمل أن يكون الجواب قوله: { أُوْلَـئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } ويجوز أن يكون جوابه لم يذكر وقد بين ثواب من أحسن عملاً في موضع آخر وهو قوله { مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } وقوله: { أَسَاوِرَ } جمع أسورة واحدها سوار والأسورة جمع الجمع { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ } أي: على السرر في الحجال ولا يكون أريكة إلا إذا اجتمعا على والحجلة { نِعْمَ ٱلثَّوَابُ } الجنة { وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً } أي: منزلاً في الجنة قُرناؤهم الأنبياء والصالحون.