التفاسير

< >
عرض

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ
١٥٥
ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
١٥٦
أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ
١٥٧
-البقرة

بحر العلوم

{ وَلَنَبْلُوَنَّكُم } يعني المؤمنين { بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوفْ وَٱلْجُوعِ } يقول: لنختبرنكم بخوف العدو، وهو الخوف الذي أصابهم يوم الخندق حتى بلغت القلوب الحناجر (والجوع) وهو القحط الذي أصابهم فكان يمضي على أخذهم أياماً لا يجد طعاماً { وَنَقْصٍ مّنَ ٱلأَمَوَالِ } يعني ذهاب أموالهم، ويقال موت الماشية { وَٱلأَنفُسِ } يعني الموت والقتل والأمراض { وَٱلثَّمَرٰتِ } نقصان الثمرات فلا تخرج الثمرات كما كانت تخرج أو تصيبها الآفة. ويقال: الثمرات هو موت الولد وهو ثمرة القلب. ثم قال: { وَبَشّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ } يعني الذين يصبرون على هذه المصائب والشدائد التي ذكرنا. ثم وصفهم فقال تعالى: { ٱلَّذِينَ إِذَا أَصَـٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ } صبروا ولم يجزعوا، و { قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رٰجِعونَ } يعني يقولون: نحن عبيد الله وفي ملكه إن عشنا فعليه أرزاقنا وإن متنا فإليه مردنا وإليه راجعون بعد الموت ونحن راضون بحكمه { أُوْلَـٰئِكَ } يعني أهل هذه الصفة { عَلَيْهِمْ صَلَوٰتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ } والصلاة من الله تعالى على ثلاثة أشياء: توفيق الطاعة والعصمة عن المعصية، ومغفرة الذنوب جميعاً، فبالصلاة الواحدة تتكون لهم هذه الأشياء الثلاثة فقد وعد لهم الصلوات الكثيرة، ومقدار ذلك لا يعلمه إلا الله ثم قال: { وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ } أي الموفقون للاسترجاع. وروي عن سعيد بن جبير أنه قال لم يكن الاسترجاع إلا لهذه الأمة ألا ترى أن يعقوب - عليه السلام - قال: { يٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ } [يوسف: 84] فلو كان له الاسترجاع لقال ذلك وروي عن عثمان بن عطاء عن أبيه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ذكر مصيبة أو ذكرت عنده فاسترجع جدد الله [ثوابه] كيوم أصيب بها" . وعن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من أصابته مصيبة [فليتذكر] مصيبته فيّ، فإنها من أعظم المصائب" . وروى هذان الحديثان عن علي بن أبي طالب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضاً وروي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: [نعم العدلان] ونعم العلاوة فالعدلان قوله تعالى: { أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ } والعلاوة قوله تعالى: { وَأُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ }.