{ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أي (لا) حرج عليكم { إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } قرأ حمزة والكسائي (تماسوهن) بالألف من المفاعلة وهو فعل بين اثنين وقرأ الباقون بغير ألف لأن الفعل للرجال خاصة وقال بعضهم: المس هو الجماع خاصة فما لم يجامعها لا يجب عليه تمام (المهر) وقال بعضهم: إذا جامعها أو خلا بها وجب عليه جميع الصداق إذا كان سمى لها مهراً [وإن لم يكن سمى لها مهراً] فلها مهر مثلها إن دخل بها وإن لم يدخل بها فلها المتعة فذلك قوله تعالى: { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } يعني إذا تزوج الرجل امرأة ثم لم يعجبه المقام معها فلا بأس بأن يطلقها قبل أن يمسها قوله { أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً } يعني لا حرج عليكم أن تتزوجوا النساء ولم تسموا لهن مهراً { وَمَتّعُوهُنَّ } يعني إذا طلقها قبل أن يدخل بها فعلى الزوج أن يمتعها { عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ }. قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص: (قَدَره) بنصب الدال وقرأ الباقون بالجزم ومعناهما واحد قوله: { وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَـٰعاً بِٱلْمَعْرُوفِ } قال ابن عباس في رواية الكلبي: أدنى ما يكون من المتعة ثلاثة أثواب درع وخمار وملحفة وهكذا قال في رواية الضحاك: { حَقاً } [أي واجباً] { عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ } أن يمتعوا النساء على قدر طاقتهم { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } يعني من قبل أن تجامعوهن وقبل أن تخلوا بهن هكذا قال في رواية الضحاك { وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } يعني على الزوج نصف ما فرض لها من المهر { إَّلا أَن يَعْفُونَ } يعني إلا أن تترك المرأة فلا تأخذ شيئاً { أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنّكَاحِ } يعني الزوج يكمل لها جميع الصداق { وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } يقول: أن تعفو بعضكم بعضاً كان أقرب إلى البر فأيهما ترك لصاحبه فقد أخذ بالفضل ويقال: إن الله تعالى ندب إلى الإنسانية فأمر كل واحد منهما بالعفو ثم قال تعالى: { وَلاَ تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ } يعني لا تتركوا الفضل والإنسانية فيما بينكم في إتمام المهر أو في الترك { إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيجازيكم بذلك.