التفاسير

< >
عرض

للَّهِ ما فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ ٱللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٢٨٤
-البقرة

بحر العلوم

{ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } من الخلق كلهم عبيده وإماؤه وهو خالقهم ورازقهم وحكمه نافذ فيهم معناه لا تعبدوا أحداً سواه لأنه هو الذي خلق المسيح والملائكة والأصنام. ويقال: لله ما في السموات وما في الأرض يعني في كل شيء دلالة ربوبيته ووحدانيته. ثم قال: { وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ } يعني، إن تظهروا ما في قلوبكم أو تضمروه { يُحَاسِبْكُم بِهِ ٱللَّهُ } أي يجازيكم به الله [وقال بعضهم يعني في كتمان الشهادة أن تعلنوا الشهادة أو تخفوها يحاسبكم به الله أي يجازيكم به الله] وقال الكلبي: وإن تعلنوا ما في أنفسكم من المعصية أو تسروها ولا تظهروها يجازيكم قال: لما نزلت هذه الآية شق على المسلمين وقالوا: يا رسول الله إنا لنحدث أنفسنا بالأمر المعصية ثم [لا نعملها أو نعملها] فهو سواء فشق ذلك على [المؤمنين] مشقة شديدة فلما [علم] الله مشقة ذلك على [المؤمنين] أنزل على نبيه ما هو أهون عليه منه فقال: { { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } [البقرة: 286] قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا الدبيلي قال: حدثنا أبو عبيد الله عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سبقت رحمتي غضبي" . قال سفيان: بلغني أن الأنبياء كانوا يأتون قومهم بهذه الآية { وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ ٱللَّهُ } فيقولون: لا نطيق هذا ولا نحتمله فأعقبهم الله المؤاخذة فلما عرض على هذه الأمة قبلوا فأعقبهم الله تعالى أن وضعها عنهم فأنزل الله تعالى: { { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } [البقرة: 286] الآية. ثم قال عز وجل: { فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء } أي لمن تاب عن الذنوب { وَيُعَذّبُ مَن يَشَاء } أي من أقام على ذلك وأصر عليه ويقال: فيغفر لمن يشاء الذنب العظيم لمن انتزع عنه ويعذب من يشاء بالذنب الصغير إذا أصر عليه ويقال: لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار. قرأ عاصم وابن عامر: (فيغفر) بضم الراء على معنى الابتداء. وقرأ الباقون بالجزم على جواب الشرط وكذلك في قوله: ويعذب من يشاء ثم قال: { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ }.