التفاسير

< >
عرض

أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَٰبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٤٤
-البقرة

بحر العلوم

قوله: { أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ } نزلت هذه الآية في شأن اليهود الذين كانوا حوالي المدينة، وهم بنو قريظة والنضير، وكانوا ينتظرون خروج - النبي صلى الله عليه وسلم - وكانوا يدعون الأوس والخزرج إلى الإيمان به، فلما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - آمن به الأوس والخزرج وكفر اليهود وجحدوا فنزلت هذه الآية { أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ } [وقال ابن عباس في رواية أبي صالح: كانت اليهود إذا جاءهم حليف منهم - الذي قد أسلم - وسأل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السر فتقول له: إنه نبي صادق فاتبعه، وتكتم ذلك عن السفلة مخافة أن تذهب منافعه فنزلت هذه الآية { أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ }] وقال قتادة: في هذه الآية دليل على أن من أمر بخير فليكن أشد الناس تسارعاً إليه، ومن نهى عن شر فليكن أشد الناس انتهاء عنه. ويقال: تنزلت في شأن القصاص. قال الفقيه: أخبرنا القاضي الخليل بن أحمد، قال: حدثنا ابن أبي حاتم الرازي قال: أخبرنا الحجاج بن يوسف عن سهل بن حماد عن ابن غياث عن هشام الدستوائي عن المغيرة وهو ختن مالك بن دينار عن مالك بن دينار عن ثمامة عن أنس قال: "لما عرج بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مر على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقال يا جبريل من هؤلاء فقال: هؤلاء أمتك الذين يأمرون الناس بالبر، وينسون أنفسهم" . ثم قال تعالى: { وَأَنتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَـٰبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } يعني أفلا تعقلون أن صفته في التوراة. ويقال { وَأَنتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَـٰبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أن ذلك حجة عليكم.