التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٢٣
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٢٤
وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٢٥
-العنكبوت

بحر العلوم

ثم قال عز وجل: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ } يعني: بمحمد - صلى الله عليه وسلم - والقرآن { وَلِقَائِهِ } يعني كفروا بالبعث بعد الموت { أُوْلَـئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِى } يعني من جنتي { وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة ثم رجع إلى قصة إبراهيم حيث قال لقومه اعبدوا الله واتقوه قوله عز وجل { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرّقُوهُ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ } وفي الآية مضمر، ومعناه فقذفوه في النار فأنجاه الله من النار فلم تحرقه وجعلها برداً وسلاماً { إِنَّ فِى ذَلِكَ } أي فيما أنجاه الله من النار بعدما قذفوه فيها { لآيَاتٍ } يعني لعبرات { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يعني يصدقون بتوحيد الله تعالى فقال لهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام { وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَـٰناً } يعني إنما عبدتم من دون الله أوثاناً يعني أصناماً { مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ } على عبادة أصنامكم قرأ نافع وابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر مودة بنصب الهاء مع التنوين بينكم بنصب النون يعني اتخذتم أوثاناً آلهة مودة بينكم على عبادتها صار نصباً لوقوع الفعل عليه، وقرأ حمزة وعاصم في رواية حفص مودة بنصب الهاء بغير التنوين بينكم بكسر النون على معنى الإضافة، وقرأ الباقون مودة بالضم بينكم بالكسر وروي عن الفداء أنه قال إنما صار المودة رفعاً بالصفة بقوله عز وجل { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } وينقطع الكلام عند قوله "إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً" ثم يبني ضرر مودتهم في الحياة الدنيا فقال تعالى { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ } يعني ليس مودتكم تلك الأصنام بشيء لأن مودة ما بينكم في الحياة الدنيا تنقطع ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض يعني الأصنام من العابد والشياطين ممن عبدها ويقال يعني الأتباع والقادة تتبرأ القادة من الأتباع { وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } يعني الأتباع يلعن القادة والعابد يلعن المعبود { وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ } يعني مصيركم إلى النار { وَمَا لَكُمْ مّن نَّـٰصِرِينَ } يعني مانعين من عذاب الله عز وجل.