التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ
٤١
-آل عمران

بحر العلوم

ثم قال تعالى: { قَالَ: رَبِّ ٱجْعَل لِّي ءَايَةً } يعني اجعل لي علامة حين حملت امرأتي [أعرف] { قَالَ: ءَايَتُكَ } يعني علامة الحبل { أَلاَّ تُكَلّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ } يعني أنك تصبح فلا تطيق الكلام ثلاثة أيام { إِلاَّ رَمْزًا } أي كلاماً [خَفِيّاً]. ويقال: الرمز بالشفتين والحاجبين، والإيماء باليد والرأس. قال بعضهم: كان منع الكلام عقوبة له، لأنه بُشِّر بالولد فسأل آية، فحبس الله لسانه [عن الناس] ثلاثة أيام. ولم يحبسه عن ذكر الله وعن الصلاة. وقال بعضهم: لم يكن عقوبة، ولكن [كانت] كرامة له حين جعلت له علامة لظهور الحبل، ومعجزة له. وروى أسباط عن السدي، أنه قال: لما بُشِّر بيحيــــى، قال له الشيطان: إن النداء الذي سمعت بالبشارة من الشيطان، ولو كان من الله لأوحى إليك، [كما أوحى إليك وإلى سائر الأنبياء]، فقال عند ذلك: "اجْعل لي آية" حتى أعلم أن هذه البشارة [منك] { قَالَ: { ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ } وقال في آخرة أخرى: { أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } [مريم: 10] يعني، أنك مستوي الخَلْق ولا علة بك. ثم أمره بذكر ربه، لأن لسانه لم يمنع عن ذكر الله تعالى، فقال { وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبَِّحْ بِٱلْعَشِيّ وَٱلإِبْكَـٰرِ } يعني بالغداة والعَشِيِّ، ويقال: بالليل والنهار.