التفاسير

< >
عرض

وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ
٢٧
أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ
٢٨
كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
٢٩

بحر العلوم

قوله عز وجل: { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } من الخلق { بَـٰطِلاً } يعني عبثاً لغير شيء بل خلقناهما لأمر هو كائن { ذٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني يظنون أنهما خلقتا لغير شيء، وأنكروا البعث { فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } يعني جحدوا، من النار يعني من عذاب النار { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } وذلك أن كفار مكة قالوا إنا نعطى في الآخرة من الخير أكثر مما تعطون، فنزل { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } في الثواب { كَٱلْمُفْسِدِينَ فِى ٱلأَرْضِ } يعني كالمشركين وقال في رواية الكلبي نزلت في مبارزي يوم بدر { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } يعني علياً وحمزة، وعبيدة رضي الله عنهم { كَٱلْمُفْسِدِينَ فِى ٱلأَرْضِ } يعني عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد، ويقال: نزلت في جميع المسلمين، وجميع الكافرين، يعني لا نجعل جزاء المؤمنين كجزاء الكافرين في الدنيا والآخرة، كما قال في آية أُخرى: { { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَـٰتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَوَآءً } [الجاثية: 21] ثم قال عز وجل: { أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } يعني كالكفار في الثواب، اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الوعيد ثم قال عز وجل { كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ } يعني أنزلنا جبريل عليه السلام به إليك { مُّبَارَكٌ } يعني كتاب مبارك فيه مغفرة للذنوب لمن آمن به وصدقه وعمل بما فيه { لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـٰتِهِ } أي لكي يتفكروا في آياته، قرأ عاصم في إحدى الروايتين (لِتَدَبَّرُوا) بالتاء مع النصب وتخفيف الدال، وهو بمعنى: لتتدبروا، فحذفت إحدى التاءين وتركت الأخرى خفيفة، وقراءة العامة (لِيَدَّبَّرُوا) بالياء وتشديد الدال، وهو بمعنى ليتدبروا، فأدغمت التاء في الدال وشددت ثم قوله عز وجل { وَلِيَتَذَكَّرَ } يعني وليتعظ بالقرآن { أُوْلُو ٱلأَلْبَـٰبِ } يعني ذوو العقول من الناس.