التفاسير

< >
عرض

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ
٣٢
وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ
٣٣
لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ
٣٤
لِيُكَـفِّرَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ٱلَّذِي كَـانُواْ يَعْمَلُونَ
٣٥
أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْـلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ
٣٦
وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي ٱنتِقَامٍ
٣٧
-الزمر

بحر العلوم

قال تعالى: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ } أي فلا أحد أظلم ممن كذب على الله بأن معه شريكاً { وَكَذَّبَ بِٱلصّدْقِ إِذْ جَاءهُ } يعني بالقرآن وبالتوحيد، ويقال { وَكَذَّبَ بِٱلصّدْقِ } يعني بالصادق وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - { أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لّلْكَـٰفِرِينَ } يعني مأوى للذين يكفرون بالقرآن، فاللفظ: لفظ الاستفهام والمراد به التحقيق كقوله { { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَـٰكِمِينَ } [التين: 8] { وَٱلَّذِى جَاء بِٱلصّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } أي بالقرآن وَصَدَّقَ به أي أصحابه ويقال وصدق به المؤمنون، وقال القتبي { وَٱلَّذِى جَاء بِٱلصّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } هو في موضع جماعة ومعناه: والذين جاؤوا بالصدق وصدقوا به، وهذا موافق لخبر ابن مسعود، وقال قتادة، والشعبي، ومقاتل، والكلبي { وَٱلَّذِى جَاء بِٱلصّدْقِ } يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - { وَصَدَّقَ بِهِ } يعني المؤمنون، وذكر عن علي بن أبي طالب أنه قال { وَٱلَّذِى جَاء بِٱلصّدْقِ } يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - { وَصَدَّقَ بِهِ } يعني أبو بكر { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } الذين اتقوا الشرك، والفواحش، وقرأ بعضهم وَصَدَقَ بالتخفيف، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ على الناس كما أنزل عليه ولم يزد في الوحي شيئاً، ولم ينقص من الوحي شيئاً { لَهُمْ مَّا يَشَآءونَ عِندَ رَبّهِمْ } يعني لهم ما يريدون ويحبون في الجنة { ذَلِكَ جَزَاء ٱلْمُحْسِنِينَ } أي ثواب الموحدين المطيعين المخلصين { لِيُكَـفّرَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } يعني ليمحو عنهم ويغفر لهم { أَسْوَأَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ } يعني أقبح ما عملوا مخالفاً للتوحيد { وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ } أي ثوابهم { بِأَحْسَنِ ٱلَّذِى كَـانُواْ يَعْمَلُونَ } يعني يجزيهم بالمحاسن، ولا يجزيهم بالمساوىء لأنه ليس لهم ذنب ولا خطايا فلا يجزيهم بمساوئهم { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } قرأ حمزة، والكسائي عِبَادَهُ بالألف بلفظ الجماعة، يعني الذين صدقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبالقرآن، والباقون عَبْدَه بغير أَلف، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - { وَيُخَوّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } يعني بالذين يعبدون من دونه وذلك أن كفار مكة قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - لا تزال تقع في آلهتنا فاتقِ كيلا يصيبك منها معرة، أو سوء، فنزل { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } الآية، وروى معمر عن قتادة قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى العزى ليكسرها، فمشى إليها بالفأس فقالت له قيمتها يا خالد: احذر فإن لها شدة، لا يقوم لها أحد، فمشى إليها خالد فهشم أنفها بالفأس، ويقال أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ يعني الأنبياء ثم قال { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } يعني من يخذله الله عن الهدى فما له من مرشد ولا ناصر { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلّ } أي ليس له أحد يخذله { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِى ٱنتِقَامٍ } يعني عزيزاً في ملكه ذي انتقام من عدوه.