التفاسير

< >
عرض

لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً
١٧٢
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
١٧٣
-النساء

بحر العلوم

قوله تعالى: { لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ } يعني لن يتعظم، ولن يأنف، ولن يتكبر، ويقال: لن يحتشم أن يكون عبداً لله. ويقال: إن وفد نجران أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وناظروه في أمر عيسى - عليه السلام - فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان عبد الله ورسوله، فقالوا: لا تقل هكذا فإن عيسى يأنف عن هذا القول، فنزل تكذيباً لقولهم: { لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ }، يعني كان عيسى مقراً بالعبودية. ثم قال تعالى: { وَلاَ ٱلْمَلاَئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } يعني حملة العرش، لن يأنفوا عن الإقرار بالعبودية، وقال مقاتل: الملائكة المقربون، أقرب إليه، فلم يأنفوا عن عبادته فكيف يأنف عيسى - عليه السلام - وهو عبد من عباده. ثم قال تعالى: { وَمَن يَسْتَنْكِفْ } أي يتعظم { عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ } والاستكبار: هو الاستنكاف، يقال: استنكف واستكبر، يعني استكبر عن طاعته { فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً } يأمر بهم إلى النار. ثم قال عز وجل: { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } أي الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُمْ } أي يوفر لهم ثواب أعمالهم { وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ } أي من رزقه في الجنة { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ } عن عبادة الله تعالى { فَيُعَذّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً } أي وجيعاً دائماً { وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } يعني من عذاب الله { وَلِيّاً } يعينهم { وَلاَ نَصِيراً } مانعاً يمنعهم.