التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
١٢
وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
١٣
قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
١٤
-الجاثية

بحر العلوم

فقال تعالى: { ٱللَّهُ ٱلَّذِى سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِىَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } وقد ذكرناه ثم قال: { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } يعني: ذلل لكم ما في السموات وما في الأرض لصلاحكم ثم قال تعالى: { جَمِيعاً مّنْهُ } يعني: جميع ما سخر الله تعالى هو من قدرته ورحمته، ويقال (جَمِيعاً مِّنْهُ) يعني: مِنَّةً منه، قال مقاتل: يعني جميعاً من أمره وروى عكرمة عن ابن عباس قال: جميعاً منه، منه النور ومنه الشمس ومنه القمر { إِنَّ فِى ذَلِكَ } يعني: فيما ذكر { لآيَاتٍ } يعني دلالات وعبرات { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } يعتبرون في صنعه وتوحيده، وروى الأعمش عن عمرو بن مرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ فِي الخَالِق، فَقَالَ تَفَكَّرُوا فِي الْخَلْقِ وَلاَ تَتَفَكَّرُوا فِي الْخَالِقِ" وروى وكيع عن هشام عن عروة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أحَدَكُم، فَيَقُول مَنْ خَلَقَ السماء؟ فيقول: الله، فيقول من خلق الأرض؟ فيقول الله، فيقول من خلق الله تعالى؟ فإذا افْتُتِنَ أَحَدُكُمُ بِذَلِكَ فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِالله وَرَسُولِهِ"

قال الله تعالى: { قُل لّلَّذِينَ ءامَنُواْ } قال مقاتل والكلبي: وذلك أن رجلاً من الكفار من قريش شتم عمر رضي الله عنه بمكة، فهم عمر بأن يبطش به فأمره الله بأن يتجاوز عنه فقال: { قُل لّلَّذِينَ ءامَنُواْ }، يعني: عمر { يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ } يعني يتجاوزوا ولا يعاقبوا الذين { لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } يعني: لا يخافون عقوبته التي أهلك بها عادا وثمودا، والقرون التي أهلكت قبلهم يعني: لا يخشون مثل أيام الأمم الخالية، قال قتادة ثم نسختها آية القتال { { وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً } [التوبة: 36] ثم قال: { لِيَجْزِىَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } يعني: يجزيهم بأعمالهم في الآخرة، قال مجاهد: { لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ }، يعني لا ينالون نعم الله، قرأ حمزة والكسائي وابن عامر (لِنَجْزِيَ) بالنون على الإضافة إلى نفسه، والباقون لِيَجْزِيَ بالياء أي ليجزي الله.