التفاسير

< >
عرض

مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ
١٥
وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى ٱلْعَالَمينَ
١٦
وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ فَمَا ٱخْتَلَفُوۤاْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
١٧
ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
١٨
إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُتَّقِينَ
١٩
هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ
٢٠
-الجاثية

بحر العلوم

قوله عز وجل { مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ } يعني ثوابه لنفسه { وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا } يعني عقوبته عليها { ثُمَّ إِلَىٰ رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ } في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم قال الله تعالى { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا بَنِى إِسْرٰءيلَ } يعني أولاد يعقوب { ٱلْكِتَـٰبَ } أي التوراة، والزبور والإنجيل، لأن موسى وداود وعيسى كانوا في بني إسرائيل { وَٱلْحُكْمَ } يعني الفهم والعلم { وَٱلنُّبُوَّةَ } يعني جعلنا فيهم النبوة، فكان فيهم ألف نبي { وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } يعني الحلال من الرزق وهو المن والسلوى، ويقال رزقناهم من الطيبات يعني أورثناهم أموال فرعون { وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمينَ } يعني فضلناهم بالإسلام على عالمي زمانهم { وَءاتَيْنَـٰهُم بَيّنَـٰتٍ مّنَ ٱلأَمْرِ } يعني الحلال والحرام، وبيان ما كان قبلهم، ثم اختلفوا بعده، قوله تعالى { فَمَا ٱخْتَلَفُواْ } يعني في الدين { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْعِلْمُ } أي صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتبهم { بَغْياً بَيْنَهُمْ } يعني حسداً منهم وطلباً للعز والملك، ويقال اختلفوا في الدين فصاروا أحزاباً فيما بينهم، يلعن بعضهم بعضاً، ويتبرأ بعضهم من دين بعض ثم قال: { إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } يعني يحكم بينهم { فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } في الكتاب والدين قوله عز وجل { ثُمَّ جَعَلْنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مّنَ ٱلأَمْرِ } يعني أمرناك وألزمناك وأثبتناك على شريعة، ويقال على سنة من الأمر، وذلك حين دعوه إلى ملتهم، ويقال على شريعة: يعني على ملة ومذهب، وقال قتادة: الشريعة الفرائض والحدود والأحكام. { فَٱتَّبِعْهَا } يعني اثبت عليها { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } أي لا يصدقون بالتوحيد { إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } يعني إن تركت الإسلام إنهم لا يمنعوك من عذاب الله شيئاً { وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ } يعني بعضهم على دين بعض { وَٱللَّهُ وَلِىُّ ٱلْمُتَّقِينَ } أي ناصر الموحدين المخلصين { هَـٰذَا بَصَـٰئِرُ لِلنَّاسِ } يعني يبصرهم ما لهم وما عليهم، والواحدة بصيرة يعني يبين لهم الحلال والحرام، ويقال: هذا القرآن دلائل للناس، ويقال: دعوة وكرامة ثم قال { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ } أي هدى من الضلالة، ورحمة من العذاب { لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } يعني يصدقون بالرسل والكتاب، ويوقنون أن الله أنزله نعمة وفضلاً.