التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ
١
هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ
٢
وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ
٣
-الأنعام

بحر العلوم

{ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } وخاتمها خاتمة سورة هود: { { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [هود: 123] وقوله تعالى: { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } حمد الرب نفسه ودل بصنعه على توحيده { ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } يعني خلق السموات وما فيها من الشمس والقمر والنجوم وخلق الأرض وما فيها. { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ } يعني خلق الليل والنهار ويقال: الكفر والإسلام. وقال الضحاك: هذه الآية نزلت في شأن المجوس قالوا: الله خالق النور، والشيطان خالق الظلمة، فأنزل الله تعالى إكذاباً لقولهم ورداً عليهم فقال: { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ } يعني أن الله واحد لا شريك له وهو الذي خلق السماوات والأرض وهو الذي خلق الظلمات والنور { ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني المجوس { بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ } يعني يشركون. ويقال (ثم الذين كفروا بربهم يعدلوا) يعني مشركي مكة بربهم يعدلون يعني يعبدون الأصنام. ثم قال: { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ } يعني آدم وأنتم من ذريته ومن نسله { ثُمَّ قَضَى أَجَلاً } يعني أجل ابن آدم منذ يوم ولد إلى يوم يموت { وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ } يعني البرزخ منذ يموت إلى يوم البعث فهو مكتوب في اللوح المحفوظ. فهذا قول مقاتل والحسن وقال عكرمة: (أجلاً) يعني أجل الدنيا (وأجل مسمى) يعني أجل الآخرة وهكذا قال سعيد بن جبير: ويقال (أجلاً) يعني أجل واحد (وأجل مسمى) يعني يوم القيامة { ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } يعني تشكون في البعث بعد الموت وفي الأجل المسمى. ثم قال: { وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَفِي ٱلأَرْضِ } يعني هو المتفرد بالتدبير في السماوات وفي الأرض. وهذا كقوله: { { وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ } [الزخرف: 84] يعني وهو خالق السماوات والأرض. ويقال: هو الذي يوحد ويقر بوحدانيته أهل السماوات والأرض ويقال: عالم بما في السماوات وبما في الأرض. { يَعْلَمُ سِرَّكُمْ } يعني يعلم سر أعمالكم { وَجَهْرَكُمْ } يعني علانيتكم { وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } من الخير والشر فيجازيكم بذلك. ثم أخبر عن أمر المشركين فقال: { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ... }.