قوله تعالى: { سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } مع الله { لَوْ شَاء ٱللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ ءَابَاؤُنَا } يعني ولا أشرك آباؤنا [ولكن شاء لنا ذلك وأمرنا به] { وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ } أي: من هذه الأشياء ويقال: مذهبهم مذهب الجبرية. قال الله تعالى: { كَذٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } يعني الأمم الخالية كذبوا رسلهم كما كذبك قومك، وإنما كذبهم الله لأنهم قالوا ذلك على وجه السخرية لا على وجه التحقيق. كما قال المنافقون: (نشهد أنك لرسول الله). فكذبهم الله في مقالتهم لأنهم قالوا على وجه السخرية. ثم قال: { حَتَّىٰ ذَاقُواْ بَأْسَنَا } يعني الأمم الخالية أتاهم عذابنا فهذا تهديد لهم ليعتبروا، ثم قال: { قُلْ } يا محمد لهم قل { هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ } يعني بيان من الله { فَتُخْرِجُوهُ لَنَا } فبينوه لنا بتحريم هذه الأشياء التي كانوا يحرمونها، ثم بين الله أنهم قالوا ذلك بغير حجة وبيان فقال: { إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } يعني ما تقولون إلا بالظن من غير يقين وعلم { وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ } يعني قل لهم ما أنتم إلا تكذبون على الله. قوله تعالى: { قُلْ: فَلِلَّهِ ٱلْحُجَّةُ ٱلْبَـٰلِغَةُ } يعني الحجة الوثيقة وهو محمد - عليه السلام - والقرآن فبين لهم ما أحل لهم وما حرم عليهم { فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } يعني لو شاء لوفقكم لدينه وأكرمكم بالهدى لو كنتم أهلاً للإسلام، ولكن لم يوفقهم لأنهم لم يجاهدوا في الله حق جهاده. { قُلْ: هَلُمَّ شُهَدَاءكُمُ ٱلَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَ هَـٰذَا } عليكم { فَإِن شَهِدُواْ } على تحريمه { فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ } فأخبر الله أنهم لو شهدوا كانت شهادتهم باطلة، ولا يجوز قبول شهادتهم لأنهم يقولون بأهوائهم. ثم قال: { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَـٰتِنَا } يعني بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبالقرآن { وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } يعني البعث { وَهُم بِرَبِهِمْ يَعْدِلُونَ } يعني يشركون بالله.