{ انْظُر كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أنْفُسِهِمْ }، يعني انظر إليهم كيف يكذبون على أنفسهم { وَضَلَّ عَنْهُم } يعني ذهب عنهم. ويقال: اشتغل عنهم الآلهة بأنفسها { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } على الله من الكذب في الدنيا. قوله تعالى: { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } يعني إلى حديثك وقراءتك يعني يستمعون ولا ينفعهم ذلك { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ } يعني غطاء مجازاً لكفرهم { وَفِيۤ آذَانِهِمْ وَقْراً } يعني صمماً وثقلاً لا يفقهون حديثك. وقال قتادة: يسمعونه بآذانهم ولا يعون منه شيئاً، كمثل البهيمة التي تسمع القول ولا تدري ما هو. ثم قال: { وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا } يعني انشقاق القمر، وغيره { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوكَ يُجَادِلُونَكَ } يعني يخاصمونك بالباطل، وينكرون أن القرآن من الله تعالى { يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } وذلك أن النضر بن الحارث كان يخبر أهل مكة بسير المتقدمين وبأخباهم، فقالوا له: ما ترى فيما يقول محمد - صلى الله عليه وسلم - قال: لا أفهم مما يقول شيئاً، ولا أدري أنه من أساطير الأولين الذي أخبركم به مثل حديث رستم واسفنديار، وقال القتبي: واحدها أسطورة واسطارة ومعناها: التَّرهات والأباطيل البسابس، وهي شيء لا نظام له وليس بشيء وفي هذا دلالة نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنهم كانوا يتكلمون فيما بينهم بالسر فيُظهِر الله أسرارهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -. قوله تعالى: { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } يعني أهل مكة ينهون الناس عن محمد أن يتبعوه ويتباعدون عنه، أي يتنافرون. ويقال: نزل في شأن أبي طالب كان يقول للنبي - عليه السلام -: أن قريشاً لن يصلوا إليك حتى أوسد في التراب فامض يا ابن أخي فما عليك غضاضة يعني ذلاًّ وكان لا يسلم لأجل المقالة. فنزل { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ } يعني أبا طالب ينهى قريشاً عن إيذائه وينأى عنه ويتباعد عن دينه. وهذا قول الكلبي، والضحاك ومقاتل. والقول الأول أيضاً قول الكلبي. ثم قال: { وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ } يعني وما يهلكون إلا أنفسهم { وَمَا يَشْعُرُونَ } بذلك.