التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
٣٦
وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٧
وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
٣٨
-الأنعام

بحر العلوم

ثم قال: { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ } يعني يطيعك ويصدقك الذين يسمعون منك كلام الهدى والمواعظ. قال الزجاج: يعني يسمع سماع قابل، فالذي لا يقبل كأنه أصم كما قال القائل: أصم عما ساءه سميع. ويقال: فلا تكونن من الجاهلين، بأنه يؤمن بك بعضهم، ولن يؤمن بك البعض، وإنما يؤمن بك الذي وفقه الله للهدى، وهو أهل لذلك وقال: { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ } يعني يعقلون الموعظة. ثم قال: { وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ } أي كفار مكة سماهم الله موتى لأنه لا منفعة لهم في حياتهم { يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ } يعني يحييهم بعد الموت { ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } يعني الكفار في الآخرة فينبئهم، فهذا تهديد لهم. وقوله تعالى: { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مِّن رَّبّهِ } يعني الكفار قالوا: هلا نزل عليه آية من ربه يعني علامة لنبوته. { قُلْ: إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلٍ ءايَةً } كما سألوك { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } بأن الله قادر على أن ينزلها. ويقال: لا يعلمون بما في نزول الآية، لأنه لو نزلت الآية عليهم فلم يؤمنون به، استوجبوا العذاب. قوله تعالى: { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } فذكر الجناحين للتأكيد، لأنه يقال: طار في الأمر، إذا أسرع فيه، فإذا ذكر الجناحين صار تأكيداً له. وقرأ بعضهم (ولا طائرٌ) بالضم، لأن معناه، وما دابةٌ في الأرض ولا طائرٌ لأن (من) زيادة فيكون الطائر عطفاً ورفعاً، وهي قراءة شاذة، ثم قال: { إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَـٰلُكُمْ } في الخلق والموت والبعث، تعرف بأسمائهم { مَّا فَرَّطْنَا } يقول: ما تركنا { فِي ٱلكِتَـٰبِ مِن شَيْءٍ } يعني في اللوح المحفوظ مما يحتاج إليه الخلق، إلا قد بيناه، ويقال: في القرآن. قد بين كل شيء يحتاج إليه { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } يعني الدواب والطير يحشرون ثم يصيرون تراباً. وروى جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال: يَحْشُرُ الله تعالى الخلق كلهم يوم القيامة، والبهائم والدواب والطيور وكل شيء فيبلغ من عدله أن يأخذ للجَمَّاء من القَرْنَاء، ثم يقول: كوني تراباً. وعن أبي ذر قال: "انتطحت شاتان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أبا ذر، هل تدري فيما انتطحتا؟ قلت: لا، قال: لكن الله تعالى يدري فسيقضي بينهما" . وقال بعضهم: هذا على وجه المثل لأنه لا يجري عليهم القلم فلا يجوز أن يؤاخذوا به.