التفاسير

< >
عرض

وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ
٤
فَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ
٥
أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ
٦
-الأنعام

بحر العلوم

{ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءايَةٍ مِّنْ ءايَـٰتِ رَبّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } ولم يتفكروا فيها ليعتبروا في توحيد الله تعالى. وذلك أن مشركي مكة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يريهم علامة وقالوا: إنا نريد أن تدعو لينشق القمر نصفين، لنؤمن بك وبربك ونصدقك فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانشق القمر شقتين. وذهب أحد النصفين إلى جانب حراء والآخر إلى جانب آخر وهم ينظرون إليه. وقال ابن مسعود: أنا رأيت حراء بين فلقتي القمر. فأعرضوا عنه فلم يؤمنوا وقالوا هذا سحر مبين فنزلت { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ، وَإِن يَرَوْاْ ءَايَةً يُعْرِضُواْ } [القمر: 1،2] ونزلت هذه الآية: { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءايَةٍ مِّنْ ءايَـٰتِ رَبّهِمْ } يعني انشقاق القمر { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ }، يقول الله تعالى: { فَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ } يعني بالقرآن حين جاءهم به محمد - صلى الله عليه وسلم - واستهزؤوا بالقرآن. بأنه ليس من الله تعالى { فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ } يعني سيعلمون جزاء تكذيبهم واستهزائهم بالقرآن بأنه ليس من الله تعالى. ويقال: يأتيهم أخبار { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } من العذاب حين رأوها معاينة. فهذا وعيد لهم أنه يصل إليهم العذاب إما في الدنيا وإما في الآخرة. ثم وعظهم ليخافوا ويرجعوا فقال: { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ } يعني من قبل كفار مكة { مَّكَّنَّـٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } يعني مكناهم وأعطيناهم من المال والولد { مَا لَمْ نُمَكّن لَّكُمْ } يا أهل مكة { وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً } يعني المطر متتابعاً كلما احتاجوا إليه { وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَـٰرَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَـٰهُمْ } يعني عذبناهم { بِذُنُوبِهِمْ } وبتكذيبهم رسلهم { وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ } يعني وجعلنا من بعد هلاكهم { قَرْناً آخَرِينَ } قال الزجاج: القرن أهل كل [مدة] فيها نبي، أو فيها طبقة من أهل العلم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خير القرون أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" .