التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قُرِىءَ ٱلْقُرْآنُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٢٠٤
وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ
٢٠٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ
٢٠٦
-الأعراف

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَإِذَا قُرِىء ٱلْقُرْءانُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ } وذلك أن المسلمين كانوا يتكلمون في الصلاة قبل نزول هذه الآية فنهوا عن ذلك وأمروا بالسكوت. وروى عبد الوهاب عن مجاهد عن أبي العالية الرياحي قال كان النبي - عليه السلام - إذا صلى فقرأ وقرأ أصحابه خلفه حتى نزل وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا فسكت القوم وقرأ النبي - عليه السلام - وروى قتادة عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى: وإذا قرىء القرآن فاستمعوا وأنصتوا قال في الصلاة وروى مغيرة عن إبراهيم مثله. وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له، هذا لكل قارىء؟ قال لا ولكن هذا في الصلاة المفروضة. وقال أبو هريرة رضي الله عنه مثله. وقال مجاهد: وجب الإنصات في موضعين في الصلاة والإمام يقرأ وفي الجمعة والإمام يخطب. وعن مجاهد أنه قال: لا بأس إذا قرأ الرجل في غير الصلاة أن يتكلم. وقال عطاء والحسن إن هذا في الصلاة والخطبة. ويقال فاستمعوا له وأنصتوا أي: اعملوا بما في كتاب الله تعالى ولا تجاوزوا عنه إلى غيره. ثم قال { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } لكي ترحموا فلا تعذبوا. قوله تعالى: { وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا } يقول إقرأ يا محمد إذا كنت إماماً بنفسك تضرعاً. يعني: مستكيناً { وَخِيفَةً } يعني وخوفاً من عذابه وهذا قول مقاتل. وقال الكلبي واذكر ربك في نفسك يعني سراً { وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } يعني العلانية حتى يسمع من خلفك. وقال الضحاك معناه اجهر بالقراءة في الغداة والمغرب والعشاء { وَلاَ تَكُنْ مّنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ } يعني لا تغفل عن القراءة في الظهر والعصر، فإنك تخفي القراءة فيهما. وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "اذكروا الله ذكراً كثيراً خاملاً، قيل وما الذكر الخامل؟ قال الذكر الخفي" . قوله تعالى: { بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } يعني غدوة وعشية. وروى يحيى بن أيوب عن خالد بن بن زيد عن سعيد بن أبي هلال عن من سمع عقبة بن عامر قال: المسر بالقراءة كالمسر بالصدقة والمعلن بالقراءة كالمعلن بالصدقة ثم قال ولا تكن من الغافلين يعني عن القراءة في الصلاة. قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ } يعني الملائكة { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } وذلك أن كفار مكة { { قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } [الفرقان: 60] واستكبروا عن السجود. فنزل إن الذين عند ربك يعني الملائكة لا يستكبرون عن عبادته يعني لا يتعظمون ولا يستنكفون عن طاعته { وَيُسَبِّحُونَهُ } يقول ويذكرونه { وَلَهُ يَسْجُدُونَ } يعني يصلون. وقال أهل اللغة. الآصال جمع الأُصُل والأُصُل جمع الأَصِيل والآصال جمع الجمع يعني العشيات والله أعلم بالصواب.