التفاسير

< >
عرض

أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
٨٩
وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٩٠
لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٩١
وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ
٩٢
-التوبة

بحر العلوم

{ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } يعني النجاة الوافرة والثواب الجزيل قوله تعالى { وَجَاء ٱلْمُعَذّرُونَ مِنَ ٱلأعْرَابِ } قرأ ابن عباس المُعْذَرُونَ بالتخفيف وهكذا قرأ الحضرمي. وقراءة العامة المُعَذِّرُونَ بالتشديد فمن قرأ بالتخفيف يعني الذين أعذروا وجاؤوا بالعذر. ومن قرأ بالتشديد يعني المعتذرين إلا أن التاء أدغمت في الذال لقرب المخرجين يعني: الذين يعتذرون، كان لهم عذر أو لم يكن لهم، وهذا قول الزجاج. وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: وجاء المُعْذَرُونَ بالتخفيف وهم المخلصون أصحاب العذر. وقال لعن الله المُعْذِّرِينَ بالتشديد لأن المعذَّرين هم الذين يعتلُّون بلا علة ويعتذرون بلا عذر { لِيُؤْذَنَ لَهُمْ } في التخلف { وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } فمن قرأ بالتشديد يكون هذا نعتاً لهم. ومن قرأ بالتخفيف يكون صنفين ويكون معناه وجاء الذين لهم العذر وسألوا العذر وقعد الذين لا عذر لهم. وهم الذين كفروا بالله ورسوله في السر. ثم بين أمر الفريقين فقال { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وهم الذين تخلفوا بغير عذر. ثم بين حال الذين تخلفوا بعذر فقال تعالى { لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَاء } يعني على الزمني، والشيخ الكبير { وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ } في الجهاد { حَرَجٌ } أي: لا إثم عليهم { إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ } يعني إذا كانوا مخلصين مسلمين في السر والعلانية { مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ } يعني ليس على الموحدين المطيعين من حرج إذا تخلفوا بالعذر { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } لهم بتخلفهم { رَّحِيمٌ } بهم. قوله تعالى: { وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ } يعني ولا حرج على الذين { إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ } على الجهاد. روى أسباط عن السدي أنه قال: أقبل رجلان من الأنصار أحدهما عبد الله بن الأزرق والآخر أبو ليلى. فسألاه أن يحملهما. { قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ } وروي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: أتاه سبعة نفر من أصحابه. سالم بن عمير وحزم بن عمرو وعبد الرحمن بن كعب يكنى أبا ليلى وسليمان بن صخر وعتبة بن زيد وعمرو بن عتبة وعبد الله بن عمرو المزني يستحملونه. فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "{ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ }" { تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ } يعني: تسيل { مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ } في الخروج إلى الجهاد. قوله تعالى: { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ... }