قوله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بإِيمَانِهِمْ } فيه
أربعة أوجه:
أحدها: يجعل لهم نوراً يمشون به، قاله مجاهد.
الثاني: يجعل عملهم هادياً لهم إلى الجنة، وهذا معنى قول ابن جريج.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يَتَلَقَّى الْمُؤْمِنَ عَمَلُهُ فِي أَحْسَنِ صُوَرَةٍ
فَيُؤْنِسُهُ وَيَهْدَيهِ، وَيَتَلَقَّى الْكَافِرَ عَمَلُهُ فِي أَقْبَحِ صُورَةٍ فَيُوحِشُهُ وَيُضِلُّهُ" .
الثالث: أن الله يهديهم إلى طريق الجنة.
الرابع: أنه وصفهم بالهداية على طريق المدح لهم.
{ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ } فيه وجهان:
أحدهما: من تحت منازلهم قاله أبو مالك.
الثاني: تجري بين أيديهم وهم يرونها من علو لقوله تعالى { { أَلَيْسَ لِي مُلْكُ
مِصْرَ وَهذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي } [الزخرف: 51] يعني بين يدي.
وحكى أبو عبيدة عن مسروق أن أنهار الجنة تجري في غير أخدود.
قوله عز وجل: { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ } فيه وجهان:
أحدهما: أن أهل الجنة إذا اشتهوا الشيء أو أرادوا أن يدعوا بالشيء قالوا
سبحانك اللهم فيأتيهم، ذلك الشيء، قاله الربيع وسفيان.
الثاني: أنهم إذا أرادوا الرغبة إلى الله في دعاء يدعونه كان دعاؤهم له:
سبحانك اللهم: قاله قتادة.
{ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } فيه وجهان:
أحدهما: معناه وملكهم فيها سالم. والتحية الملك، ومنه قول زهير بن
جنان الكلبي:
ولكلُّ ما نال الفتى قد نِلتُه إلا التحية
الثاني: أن تحية بعضهم لبعض فيها سلام. أي: سلمت وأمنت مما بلي به
أهل النار، قاله ابن جرير الطبري.
{ وَءَاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } فيه وجهان:
أحدهما: أن آخر دعائهم: الحمد لله رب العالمين، كما كان أول دعائهم:
سبحانك اللهم، ويشبه أن يكون هذا قول قتادة.
الثاني: أنهم إذا أجابهم فيما دعوه وآتاهم ما اشتهوا حين طلبوه بالتسبيح قالوا
بعده: شكراً لله والحمد لله رب العالمين.