قوله عز وجل:{ ولقد أرسلنا رُسُلاً من قبلك وجعلنا لهم أزوجاً وذرية }يعني
بالأزواج النساء، وبالذرية الأولاد. وفيه وجهان:
أحدهما: معناه أن من أرسلناه قبلك من المرسلين بشر لهم أزواج وذرية كسائر
البشر، فلمَ أنكروا رسالتك وأنت مثل من قبلك.
الثاني: أنه نهاه بذلك عن التبتل، قاله قتادة.
وقيل إن اليهود عابت على النبي صلى الله عليه وسلم الأزواج، فأنزل الله تعالى إلى ذلك فيهم
يعلمهم أن ذلك سُنَّة الرسل قبله.
{ وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله }قيل إن مشركي قريش سألوه آيات
قد تقدم ذكرها في هذه السورة فأنزل الله تعالى ذلك فيهم.
{ ولكل أجل كتابٌ }فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه لكل كتاب نزل من السماء أجل. وهو من المقدِّم والمؤخر، قاله
الضحاك.
الثاني: معناه لكل أمر قضاه الله تعالى كتاب كتبه فيه، قاله ابن جرير.
الثالث: لكل أجل من آجال الخلق كتاب عند الله تعالى، قاله الحسن.
ويحتمل رابعاً: لكل عمل خَبر.
قوله عز وجل:{ يمحو الله ما يشاء ويثبت }فيه سبعة تأويلات:
أحدها: يمحو الله ما يشاء من أمور عباده فيغيره إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا
يغيران، قاله ابن عباس.
الثاني: يمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء في كتاب سوى أُم الكتاب، وهما
كتابان أحدهما: أم الكتاب لا يغيره ولا يمحو منه شيئاً كما أراد، قاله عكرمة.
الثالث: أن الله عز وجل ينسخ ما يشاء من أحكام كتابه، ويثبت ما يشاء منها فلا
ينسخه، قاله قتادة وابن زيد.
الرابع: أنه يمحو مَنْ قد جاء أجلُه ويثبت من لم يأت أجلُه، قاله الحسن.
الخامس: يغفر ما يشاء من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفره، قاله
سعيد بن جبير.
السادس: أنه الرجل يقدم الطاعة ثم يختمها بالمعصية فتمحو ما قد سلف،
والرجل يقدم المعصية ثم يختمها بالطاعة فتمحو ما قد سلف، وهذا القول مأثور عن
ابن عباس أيضاً.
السابع: أن الحفظة من الملائكة يرفعون جميع أقواله وأفعاله، فيمحو الله عز
وجل منها ما ليس فيه ثواب ولا عقاب، ويثبت ما فيه الثواب والعقاب، قاله الضحاك.
{ وعنده أم الكتاب }فيه ستة تأويلات:
أحدها: الحلال والحرام، قاله الحسن.
الثاني: جملة الكتاب، قاله الضحاك.
الثالث: هو علم الله تعالى بما خلق وما هو خالق، قاله كعب الأحبار.
الرابع: هو الذكر، قاله ابن عباس.
الخامس: أنه الكتاب الذي لا يبدل، قاله السدي.
السادس: أنه أصل الكتاب في اللوح المحفوظ، قاله عكرمة.