قوله عز وجل:{ مثل الذين كفروا بربّهم أعمالُهم كرمادٍ اشتدت به الريح في يوم
عاصف } وهذا مثل ضربه الله تعالى لأعمال الكافر في أنه لا يحصل على شيء منها،
بالرماد الذي هو بقية النار الذاهبة لا ينفعه، فإذا اشتدت به الريح العاصف: وهي
الشديدة: فأطارته لم يقدر على جمعه، كذلك الكافر في عمله.
وفي قوله{ في يوم عاصف } ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه وصف اليوم بالعصوف وهو من صفة الريح، لأن الريح تكون فيه،
كما يقال يوم بارد، ويوم حار، لأن البرد والحر يكونان فيه.
الثاني: أن المراد به في يوم عاصف الريح، فحذف الريح لأنها قد ذكرت قبل
ذلك.
الثالث: أن العصوف من صفة الريح المقدم ذكرها، غير أنه لما جاء بعد اليوم
ابتع إعرابه.
{ لا يقدرون مما كسَبَوا على شيءٍ }يحتمل وجهين:
أحدهما: لا يقدرون في الآخرة على شيء من ثواب ما عملوا من البر في الدنيا
لإحباطه بالكفر.
الثاني: لا يقدرون على شيء مما كسبوه من عروض الدنيا، بالمعاصي التي
اقترفوها، أن ينتفعوا به في الآخرة.
{ ذلك هو الضلال البعيد }وإنما جعله بعيداً لفوات استدراكه بالموت.