قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ } يعني علماء
اليهود كتموا ما أنزل الله عز وجل في التوراة من صفة محمد صلى الله عليه وسلم وصحة رسالته.
{ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنَاً قَلِيلاً } يعني قبول الرُشَا على كتم رسالته وتغيير صفته، وسماه
قليلاً لانقطاع مدته وسوء عاقبته. وقيل: لأن ما كانوا يأخذون من الرُشا كان قليلاً.
{ أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ } فيه تأويلان:
أحدهما: يريد أنه حرام يعذبهم الله عليه بالنار فصار ما يأكلون ناراً،
فسماه في الحال بما يصير إليه في ثاني الحال، كما قال الشاعر:
وأمّ سماك فلا تجزعي فللموت ما تلد الوالدة
{ وَلاَ يُكْلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: معناه يغضب عليهم، من قولهم: فلان لا يكلم فلاناً إذا غضب
عليه.
والثاني: لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية.
والثالث: معناه لا يسمعهم كلامه.
{ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ } فيه قولان:
أحدهما: يعني لا يصلح أعمالهم الخبيثة.
والثاني: لا يثني عليهم، ومن لا يثني الله عليه فهو معذب { وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ } أي مؤلم موجع.
قوله تعالى: { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى } يعني من تقدم ذكره
من علماء اليهود اشتروا الكفر بالإيمان { وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ } يعني النار بالجنة.
{ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ } فيه أربعة أقاويل:
أحدها: معناه ما أجرأهم على النار، وهذا قول أبي صالح.
والثاني: فما أصبرهم على عمل يؤدي بهم إلى النار.
والثالث: معناه فما أبقاهم على النار، من قولهم: ما أصبر فلاناً على
الحبس، أي ما أبقاه فيه.
والرابع: بمعنى أي شيء صبّرهم على النار؟