التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ
٢
-البقرة

النكت والعيون

قوله تعالى: { ذَلِكَ الكِتَابُ } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني التوراة والإنجيل، ليكون إخباراً عن ماضٍ.
والثاني: يعني به ما نزل من القرآن قبل هذا بمكة والمدينة، وهذا قول الأصم.
والثالث: يعني هذا الكتاب، وقد يستعمل ذلك في الإشارة إلى حاضر، وإن كان موضوعاً للإشارة إلى غائب، قال خُفاف بن ندبة:

أَقُولُ لَهُ والرُّمْحُ يَأْطِرُ مَتْنُهُ تَأَمَّلْ خُفَافاً إِنَّنِي أَنَا ذَلِكَا

ومن قال بالتأويل الأول: أن المراد به التوراة والإنجيل، اختلفوا في المخاطب به على قولين:
أحدهما: أن المخاطب به النبي صلى الله عليه وسلم، أي ذلك الكتاب الذي ذكرته في التوراة والإنجيل، هو الذي أنزلته عليك يا محمد.
والقول الثاني: أن المخاطب به اليهود والنصارى، وتقديره: أن ذلك الذي وعدتكم به هو هذا الكتاب، الذي أنزلته على محمد عليه وعلى آله السلام. قوله عز وجل: { لاَ رَيْبَ فيهِ } وفيه تأويلان:
أحدهما: أن الريب هو الشك، وهو قول ابن عباس، ومنه قول عبد الله بن الزِّبَعْرَى:

لَيْسَ في الْحَقِّ يَا أُمَيْمَةُ رَيْبٌ إِنَّمَا الرَّيْبُ مَا يَقُولُ الْجَهُولُ

والتأويل الثاني: أن الريب التهمة ومنه قول جميل:

بُثَيْنَةُ قالتْ: يا جَمِيلُ أَرَبْتَنِيُ فَقُلْتُ: كِلاَنَا يَا بُثَيْنَ مُرِيب

قوله عزَّ وجلَّ: { هُدىً لِلْمُتَّقِينَ }، يعني به هدىً من الضلالة.
وفي المتقين ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنهم الذين اتقوا ما حرم الله عليهم وأدَّوا ما افترض عليهم، وهذا قول الحسن البصري.
والثاني: أنهم الذين يحذرون من الله تعالى عقوبته ويرجون رحمته وهذا قول ابن عباس.
والثالث: أنهم الذين اتقوا الشرك وبرئوا من النفاق وهذا فاسد، لأنه قد يكون كذلك، وهو فاسق وإنما خص به المتقين، وإن كان هدىً لجميع الناس، لأنهم آمنوا وصدقوا بما فيه.