قولُهُ عزَّ وجلَّ: { وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ }:
اختلفوا فيها على ثلاثةِ أقاويلَ:
أحدها: أنها بيت المقدس، وهو قول قتادة، والربيع بن أنس.
والثاني: أنها قريةٌ ببيت المقدس، وهو قول السدي.
والثالث: أنها "أريحا" قرب بيت المقدس، وهو قول ابن زيد.
قوله عز وجل: { وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً }.
اختلفوا في الباب على قولين:
أحدهما: أنه باب حِطَّةَ وهو الباب الثامن ببيت المقدس، وهذا قول
مجاهد، والسُّدِّيِّ.
والثاني: أنه باب القرية، التي أمروا بدخولها.
وفي قوله: { سُجَّداً } تأويلان:
أحدهما: يعني: رُكَّعاً، وهذا قول ابن عباس.
والثاني: معناه: خاضعين متواضعين.
وأصل السجود الانحناء تعظيماً لمن يُسجَد له، وخضوعاً، ومنه قول
الشاعر:
بَجَمْعٍ تَضَلُّ الْبَلْقُ في حُجُرَاتِهِ تَرَى الأكْمَ فِيهِ سُجَّداً لِلْحَوافِرِ
وقال أعشى قيس:
يُرَاوِحُ مِنْ صَلَواتِ الْمِلَيـ ـكِ طَوْراً سُجُوداً وَطَوْراً حِوَاراً
وفي قوله تعالى: { وَقُولُوا حِطَّةٌ } أربعةُ تأويلاتٍ:
أحدها: أنه قول: لا إله إلا الله، وهو قول عكرمة.
والثاني: أن "حِطَّة" المغفرة، فكأنه أمر بالاستغفار، وهو رواية سعيد بن
جبيرٍ، عن ابن عباسٍ.
والثالث: هو قولهم: هذا الأمر حق كما قيل لكم، وهو رواية الضحاك،
عن ابن عباسٍ.
والرابع: معناه: حُطَّ عنا خطايانا، وهو قول الحسن، وقتادة، وابن زيدٍ،
وهو أشبهُ بظاهر اللفظ.
قوله عز وجل: { نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ } أي نرحمْكم، ونسترها عليكم،
فلا نفضحكم بالعقوبة عليها.
والخطأ: العدولُ عن القصد، يقال خَطِئ الشيءَ خَطَأً، إذا أصابه ولم
يُرِدْهُ، وأَخْطَأَ يُخْطِئُ، إذا أراده ولم يُصِبْهُ، فالأول خاطئ والثاني مُخطِئ.
وأصل المغفرة: التغطية والستر؛ ولذلك قيل للبيضة من الحديد: مِغْفَرٌ،
لأنها تُغَطِّي الرأسَ وتُغَطِّي الرأسَ وتُجِنُّهُ، ومنه قول أوسِ بنِ حجر:
وَلاَ أَعْتِبُ ابْنَ الْعَمِّ إِنْ كَانَ مُخْطِئاً وَأَغْفِرُ عَنْهُ الْجَهْلَ إِنْ كَانَ جَاهِلاً
قوله تعالى: { فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ } يعني أنهم
بَدَّلوا ما أمِروا به من قول وفعل، فأُمِرُوا أن يدخُلُوا الباب سُجَّداً، فَدَخَلُوا يزحفون
على أستاهم، وأن يقولوا: حِطَّةٌ، فقالوا: حنطة في شعير، مستهزئين بذلك.
{ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً من السَّمَاءِ }:
وفي الرجز ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه العذاب، وهو قول ابن عباس وقتادة.
والثاني: أنه الغضب، وهو قول أبي العالية.
والثالث: أنه الطاعون، بعثه الله عليهم فأهلكهم، وبقي الأبناء، وهو قول
ابن زيد.