التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ
٦٥
فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ
٦٦
-البقرة

النكت والعيون

قوله عز وجل: { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ في السَّبْتِ } وفي اعتدائهم في السبت قولان:
أحدهما: أنهم أخذوا فيه الحيتان على جهة الاستحلال، وهذا قول الحسن.
والثاني: أنهم حبسوها في يوم السبت وأخذوها يوم الأحد، والسبت هو اليوم المعروف. وفي تسميته بذلك أربعة أقاويل:
أحدها: أن السبت هو اسم للقطعة من الدهر فسمي ذلك اليوم به، وهذا قول الزجاج.
والثاني: أنه سُمِّي بذلك لأنه سَبَت خَلْق كل شيء، أي قطع وفرغ منه، وهذا قول أبي عبيدة.
والثالث: أنه سُمِّي بذلك، لأن اليهود يَسْبِتُون فيه، أي يقطعون فيه الأعمال.
والرابع: أن أصل السبت، الهدوء والسكون في راحة ودعة، ولذلك قيل للنائم مسبوت لاستراحته وسكون جسده، كما قال تعالى: { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُم سُبَاتَا }. فَسُمِّي به اليوم لاستراحة اليهود فيه.
وفي قوله عز وجل: { ... فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } قولان:
أحدهما: مُسِخُوا قردةً، فصاروا ـ لأجل اعتدائهم في السبت ـ في صورة القردة المخلوقين من قبل، في الأيام الستة.
قال ابن عباس: لم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام، ولم يأكل ولم يشرب.
والثاني: وهو قول مجاهد: أنهم لم يمسخوا قردة، وإنما هو مَثلَ ضربه الله لهم، كما قال تعالى:
{ { كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارَاً } [الجمعة: 5].
وفي قوله تعالى: { خاسئين } تأويلان:
أحدهما: أن الخاسئ المُبْعَد المطرود، ومنه قولهم خسأت الكلب، إذا باعدته وطردته.
والثاني: أن معناه أذلاء صاغرون، وهذا قول مجاهد. ورُوي عن ابن عباس: خاسئاً أي ذليلاً.
قوله تعالى: { فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا } وفي المجعول نكالاً، ستة أقاويل:
أحدها: أنها العقوبة.
والثاني: أنها الحيتان.
والثالث: أنها القرية التي اعتدى أهلها.
والرابع: أنهم الأمة الذين اعتدوا، وهم أهل أيلة.
والخامس: أنهم الممسوخون قردة.
والسادس: أنهم القردة الممسوخ على صورهم.
وفي قوله تعالى: { نَكَالاً } ثلاثة تأويلات:
أحدها: عقوبة، وهو قول ابن عباس.
والثاني: عبرة ينكل بها من رآها.
والثالث: أن النكال الاشتهار بالفضيحة.
وفي قوله تعالى: { لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا } خمسة تأويلات:
أحدها: ما بين يديها وما خلفها من القرى، وهذه رواية عكرمة عن ابن عباس.
والثاني: ما بين يديها يعني من بعدهم من الأمم، وما خلفها، الذين كانوا معهم باقين، وهذه رواية الضحاك عن ابن عباس.
والثالث: ما بين يديها، يعني من دونها، وما خلفها، يعني لمن يأتي بعدهم من الأمم، وهذا قول السدي.
والرابع: لما بين يديها من ذنوب القوم،وما خلفها للحيتان التي أصابوها، وهذا قول قتادة.
والخامس: ما بين يديها ما مضى من خطاياهم، وما خلفها: خطاياهم التي أُهْلِكُوا بها، وهذا قول مجاهد.