قوله تعالى: { فَرَجَعُواْ إِلَى أَنفُسِهِمْ } فيه وجهان:
أحدهما: أن رجع بعضهم إلى بعض.
الثاني: أن رجع كل واحد منهم إلى نفسه متفكراً فيما قاله إبراهيم،
فحاروا عما أراده من الجواب فأنطقهم الله تعالى الحق { فَقَالُواْ: إِنَّكم أَنتُمُ
الظَّالِمُونَ } يعني في سؤاله، لأنها لو كانت آلهة لم يصل إبراهيم إلى كسرها، ولو
صحبهم التوفيق لآمنوا هذا الجواب لظهور الحق فيه على ألسنتهم.
{ ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَى رُءوسِهِمْ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه أنها رجعوا إلى شِركهم بعد اعترافهم بالحق.
الثاني: يعني أنهم رجعواْ إلى احتجاجهم على إبراهيم بقولهم:{ لَقَدْ
عَلِمْتَ مَا هؤلآءِ يَنطِقُونَ }.
الثالث: أنهم نكسواْ على رؤوسهم واحتمل ذلك منهم واحداً من أمرين: إما
انكساراً بانقطاع حجتهم، وإما فكراً في جوابهم فأنطقهم الله بعد ذلك بالحجة
إذعاناً لها وإقراراً بها، بقولهم: { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤُلآءِ يَنطِقُونَ } فأجابهم
إبراهيم بعد اعترافهم بالحجة.