قوله عز وجل: { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ } معنى زين: أي حُسِّن حب
الشهوات، والشهوة من خَلْق الله في الإنسان، لأنها ضرورة لا يقدر على دفعها.
وفي المُزّيِّن لحب الشهوات ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه الشيطان، لأنه لا أحد أشد ذَمًّا لها من الله تعالى الذي خَلَقَها،
قاله الحسن.
الثاني: تأويل أن الله زين حب الشهوات لِمَا جعله في الطبائع من المنازعة
كما قال تعالى: { { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَّهَا } [الكهف: 7]، قاله الزجاج.
والثالث: أن الله زين من حبها ما حَسُن، وزين الشيطان من حبها ما قَبُح.
{ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ } اختلفوا في مقدار القنطار على سبعة أقاويل:
أحدها: أنه ألف ومائتا أوقية، وهو قول معاذ بن جبل، وأبي هريرة ورواه
زر بن حبيش عن أُبيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القِنْطَارُ أَلفٌ وَمِائَتا
أُوقِيَّةٍ" .
والثاني: أنه ألف ومائتا دينار، وهو قول الضحاك، والحسن، وقد رواه
الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثالث: أنه اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار، وهو قول ابن عباس.
والرابع: أنه ثمانون ألفاً من الدراهم، أو مائة رطل من الذهب، وهو قول
سعيد بن المسيب، وقتادة.
والخامس: أنه سبعون ألفاً، قاله ابن عمر، ومجاهد.
والسادس: أنه ملء مسك ثور ذهباً، قاله أبو نضرة.
والسابع: أنه المال الكثير، وهو قول الربيع.
وفي { المُقَنْطَرَةِ } خمسة أقاويل:
أحدها: أنها المضاعفة، وهو قول قتادة.
والثاني: أنها الكاملة المجتمعة.
والثالث: هي تسعة قناطير، قاله الفراء.
والرابع: هي المضروبة دراهم أو دنانير، وهو قول السدي.
والخامس: أنها المجعولة كذلك، كقولهم دراهم مدرهمة.
ويحتمل وجهاً سادساً: أن القناطير المذكورة مأخوذة من قنطرة الوادي، إما
لأنها بتركها مُعَدَّة كالقناطر المعبورة، وإما لأنها معدة لوقت الحاجة، والقناطير
مأخوذة من عقد الشيء وإحكامه كالقنطرة.
{ وَالْخَيلِ الْمُسَوَّمَةِ } فيها خمسة تأويلات:
أحدها: أنها الراعية، قاله سعيد بن جبير، والربيع، ومنه قوله تعالى:
{ وفيه تسيمون } أي ترعون.
والثاني: أن المسومة الحسنة، قاله مجاهد، وعكرمة، والسدي.
والثالث: أنها المعلَّمة، قاله ابن عباس، وقتادة.
والرابع: أنها المعدة للجهاد، قاله ابن زيد.
والخامس: أنها من السيما مقصورة وممدود، قاله الحسن، قال
الشاعر:
غلامٌ رماه اللهُ بالحُسْن يافعاً له سيمياء لا تَشُقُّ على البصر
{ والأنْعَامِ } هي الإِبل، والبقر، والغنم من الضأن والمعز، ولا يقال
النعم لجنس منها على الإِنفراد إلا للإِبل خاصة.
{ والْحَرْثِ } هو الزرع.
ويحتمل وجهاً ثانياً: أن يريد أرض الحرث لأنها أصل، ويكون الحرث
بمعنى المحروث.