{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرَّسُلُ }.
سبب نزولها أنه لما أشيع يوم أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، قال أناس: لو كان
نبياً ما قتل، وقال آخرون: نقاتل على ما قاتل عليه حتى نلحق به.
{ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } يعني رجعتم كفاراً بعد
إيمانكم.
{ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْدُّنيا نُؤْتِهِ مِنهَا } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: من أراد بجهاده ثواب الدنيا أي ما يصيبه من الغنيمة، وهذا قول
بعض البصريين.
والثاني: من عمل للدنيا لم نحرمه ما قسمنا له فيها من غير حظ في الآخرة،
وهذا قول ابن إسحاق.
والثالث: من أراد ثواب الدنيا بالنهوض لها بعمل النوافل مع مواقعة الكبائر
جوزي عليها في الدنيا دون الآخرة.
{ وَكَأّيِّن مِن نَّبِيٍ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } قرأ بذلك ابن كثير، ونافع، وأبو
عمرو، وقرأ الباقون { قَاتَلَ }، وفي { رِبِّيُّونَ } أربعة أقاويل:
أحدها: أنهم الذين يعبدون الرب وأحدهم رِبّيُّ، وهو قول بعض نحْويي
البصرة.
الثاني: انهم الجماعات الكثيرة، وهو قول ابن مسعود وعكرمة ومجاهد.
والثالث: انهم العلماء الكثيرون، وهو قول ابن عباس، والحسن.
والرابع: أن (الربيون) الأتباع. والربانيون: الولاة، والربيون الرعية، وهو
قول أبي زيد، قال الحسن: ما قُتِلَ نبي قط إِلاَّ في معركة.
{ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُواْ } الوهن:
الانكسار بالخوف. الضعف نقصان القوة، الاستكانة الخضوع، ومعناه فلم يهنوا
بالخوف، ولا ضعفوا بنقصان القوة ولا استكانوا بالخضوع.
وقال ابن إسحاق: فما وهنوا بقتل نبيهم ولا ضعفوا عن عدوهم ولا استكانواْ
لما أصابهم.
{ فَآتَاهُم اللهُ ثَوَابَ الدُّنيَا وَحُسْنَ ثَوابِ الآخِرَةِ } في ثواب الدنيا قولان:
أحدهما: النصر على عدوهم، وهو قول قتادة، والربيع.
والثاني: الغنيمة، وهو قول ابن جريج { وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ } الجنة،
في قول الجميع.