قوله تعالى: { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أنه جعل كل شيء خلقه حسناً حتى جعل الكلب في خلقه حسناً،
قاله ابن عباس.
الثاني: أحكم كل شيء خلقه حتى أتقنه، قاله مجاهد.
الثالث: أحسن إلى كل شيء خلق فكان خلقه له إحساناً، قاله علي بن
عيسى.
الرابع: ألهم ما خلقه ما يحتاجون إليه حتى علموه من قولهم فلان يحسن
كذا أي يعلمه.
الخامس: أعطى كل شيء خلقه ما يحتاج إليه ثم هداه إليه، رواه
حميد بن قيس.
ويحتمل سادساً: أنه عرف كل شيء خلقه وأحسنه من غير تعلم ولا سبق
مثال حتى ظهرت فيه القدرة وبانت فيه الحكمة.
{ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ } يعني آدم، روى عون عن أبي زهير عن أبي
موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع
الأرض فجاء بنوه على ألوان الأرض منهم الأبيض والأحمر وبين ذلك والسهل والحزن
والخبيث والطيب وبين ذلك.
{ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ } أي ذريته { مِن سُلاَلَةٍ } لاِنسِلاَلِهِ من صلبه { مِن مَّآءٍ
مَّهِينٍ } قال مجاهد ضعيف.
قوله تعالى: { ثُمَّ سَوَّاهُ } فيه وجهان:
أحدهما: سوى خلقه في الرحم.
الثاني: سوى خلقه كيف يشاء.
{ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } فيه أربعة أوجه:
أحدها: من قدرته، قاله أبو روق.
الثاني: من ذريته، قاله قتادة.
الثالث: من أمره أن يكون فكان، قاله الضحاك.
الرابع: روحاً من روحه أي من خلقه وأضافه إلى نفسه لأنه من فعله وعبر عنه
بالنفخ لأن الروح من جنس الريح.
{ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ } يعني القلوب وسمى القلب فؤاداً
لأنه ينبوع الحرارة الغريزية مأخوذ من المفتأد وهو موضع النار، وخصص الأسماع
والأبصار والأفئدة بالذكر لأنها موضع الأفكار والاعتبار.