قوله تعالى: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ } فيه تأويلان:
أحدهما: أي مقبوضة عن العطاء على جهة البخل، قاله ابن عباس وقتادة.
والثاني: مقبوضة عن عذابهم، قاله الحسن.
قال الكلبي ومقاتل: القائل لذلك فنحاس وأصحابه من يهود بني قينقاع.
{ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ } فيه قولان:
أحدهما: أنه قال ذلك إلزاماً لهم البخل على مطابقة الكلام، قاله الزجاج.
والثاني: أن معناه غلت أيديهم في جهنم على وجه الحقيقة، قاله الحسن.
{ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ } قال الكلبي: يعني يعذبهم بالجزية.
ويحتمل أن يكون لَعْنُهم هو طردهم حين أجلوا من ديارهم.
{ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أن اليدين ها هنا النعمة من قولهم لفلان عندي يد أي نعمة، ومعناه
بل نعمتاه مبسوطتان، نعمة الدين، ونعمة الدنيا.
والثاني: اليد ها هنا القوة كقوله تعالى: { { أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ } }
[ص: 45] ومعناه بل قوتان بالثواب والعقاب.
والثالث: أن اليد ها هنا الملك من قولهم فى مملوك الرجل هو: ملك
يمينه، ومعناه ملك الدنيا والآخرة.
والرابع: أن التثنية للمبالغة فى صفة النعمة كما تقول العرب لبيك
وسعديك، وكقول الأعشى:
يداك يدا مجد فكف مفيدة وكف إذا ما ضنَّ بالزاد تنفق
{ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ } يحتمل وجهين:
أحدهما: يمعنى أنه يعطي من يشاء من عباده إذا علم أن في إعطائه مصلحة
دينه.
والثاني: ينعم على من يشاء بما يصلحة في دينه.
{ ولَيزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً } يعني حسدهم
إياه وعنادهم له.
{ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ } فيه قولان:
أحدهما: أنه عنى اليهود بما حصل منهم من الخلاف.
والثاني: أنه أراد بين اليهود والنصارى في تباين قولهم في المسيح، قاله
الحسن.
قوله تعالى: { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ } فيه تأويلان:
أحدهما: أقاموها نصب أعينهم حتى إذا نظروا ما فيها من أحكام الله تعالى
وأوامره لم يزلوا.
والثاني: إن إقامتها العمل بما فيها من غير تحريف ولا تبديل.
ثم قال تعالى: { وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ } يعني القرآن لأنهم لما خوطبوا
به صار منزلاً عليهم.
{ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } فيه تأويلان:
أحدهما: أنه أراد التوسعة عليهم كما يقال هو في الخير من قرنه إلى قدمه.
والثاني: لأكلوا من فوقهم بإنزال المطر، ومن تحت أرجلهم بإنبات الثمر.
قاله ابن عباس.
{ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ } فيه تأويلان:
أحدهما: مقتصدة على أمر الله تعالى، قاله قتادة.
الثاني: عادلة، قاله الكلبي.