التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ ٱلْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَٰتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَٰنَهُ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ
١٠٠
-الأنعام

النكت والعيون

قوله عز وجل: { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن المجوس نسبت الشر إلى إبليس، وتجعله بذلك شريكاً لله.
والثاني: أن مشركي العرب جعلوا الملائكة بنات الله وشركاء له، قاله قتادة، والسدي، وابن زيد كقوله تعالى: { وَجَعَلُواْ بَينَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } فَسَمَّى الملائكة لاختفائهم عن العيون جنة.
والثالث: أنه أطاعوا الشيطان في عبادة الأوثان حتى جعلوها شركاء لله في العبادة، قاله الحسن، والزجاج.
{ وَخَلَقَهُمْ } يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه خلقهم بلا شريك [له]، فَلِمَ جعلوا له في العبادة شريكاً؟.
والثاني: أنه خلق من جعلوه شريكاً فكيف صار في العبادة شريكاً.
وقرأ يحيى بن يعمر { وَخَلْقَهُمْ } بتسكين اللام. ومعناه أنهم جعلوا خلقهم الذي صنعوه بأيديهم من الأصنام لله شريكاً.
{ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ } في خرقوا قراءتان بالتخفيف والتشديد، وفيه قولان:
أحدهما: أن معنى خرقوا كذبوا، قاله مجاهد، وقتادة، وابن جريج، وابن زيد.
والثاني: معناه وخلقوا له بنين وبنات، والخلق والخرق واحد، قاله الفراء.
والقول الثاني: أن معنى القراءتين مختلف، وفي اختلافهما قولان:
أحدهما: أنها بالتشديد على التكثير.
والثاني: أن معناها بالتخفيف كذبوا، وبالتشديد اختلفوا.
والبنون قول النصارى في المسيح أنه ابن الله، وقول اليهود أن عزيراً ابن الله.
والبنات قول مشركي العرب في الملائكة أنهم بنات الله.
{ بِغَيْرِ عِلْمٍ } يحتمل وجهين:
أحدهما: بغير علم منهم أن له بنين وبنات.
والثاني: بغير حجة تدلهم على أن له بنين وبنات.